يبدو أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لن يستفيق من أوهامه إلا عندما يسقط نظامه بالكامل ويرحل عن حكم تركيا، فهو بكل ما لديه من اوضاع داخلية سيئة وفساد اشتمه العالم كله، وسعيه الواضح للقضاء على المؤسسات التي من شأنها محاسبة حكومته على الفساد الذي نخر فيها كالسوس، لا يزال يعيش في الماضي ولا تزال احلام الخلافة تلعب برأسه وتدفعه كثيرا إلى التحدث فيما لا يعنيه وارتكاب الحماقة تلو الأخرى.
فبعد يومين فقط من قيامه برفع شعار “رابعة” في ألمانيا، ذلك الشعار الذي يخص تنظيم الإخوان المسلمين الارهابي، نكاية وكراهية لمصر وأهلها، قام بعقد اجتماع في أنقرة مع راشد الغنوشي عضو مكتب الإرشاد بالتنظيم العالمي للإخوان، رئيس حركة النهضة التونسية، ليتباحث معه في كيفية دعم الخراب والتخريب والارهاب في مصر، من خلال دعم المظاهرات وقتل رجال الجيش والشرطة، وبحث إمكانية بناء تحالف يكون أساسه تركي تونسي للعمل ضد مصالح مصر في المنطقة وبذل كل الجهود للحيلولة دون وصول المشير عبدالفتاح السيسي إلى رئاسة مصر.
أردوغان قال للغنوشي إن الأوضاع التي وصلت إليها تونس تدحض الدعاوى التي تقول بفشل الربيع العربي وتونس يمكن ان تكون نموذجا لبقية الدول العربية، وهي كلمة باطل أريد بها باطل، ولا تدل إلا على أن أردوغان يعيش في وهم كبير ومسايرة الغنوشي لمهاتراته لن تجر على تونس إلا الخراب.
الأولى بكل من أردوغان والغنوشي في هذه المرحلة ان يلتفتا إلى تنظيف بيتيهما قبل السعي إلى تحقيق احلام التنظيم العالمي للإخوان، التي هي في واقع الحال أحلام أردوغان في إعادة مجد بلاده الغابر الذي لم يجر على العرب سوى التخلف لقرون طويلة.
على أردوغان ان يخلص بلاده من الفساد الذي يزكم الأنوف، وعلى الغنوشي أن يتحلى بالصبر حتى تستتب له الأمور في تونس، فالمباراة لم تنته بعد في بلاده، ولن ينفعه أردوغان ولا إشارة رابعة التي يرفعها في كل المحافل.
لابد أن يفهم الغنوشي أنه لن ينجح أي مشروع يريد أصحابه أن يقيموه على أنقاض مصر، ولن ينجح مشروع لا ينال رضا المملكة العربية السعودية وشقيقاتها الخليجيات، وبالتالي لن يحقق له تحالفه مع أردوغان سوى العزلة.
دول الخليج العربي وقفت وسوف تقف إلى جانب مصر في حربها ضد الإرهاب اللعين، كما وقفت إلى جوارها في كل اللحظات المصيرية التي مضت، لأن سقوط مصر معناه سقوط الأمة، ومعناه تقسيم الأمة وتحويلها إلى أتباع لأردوغان وملالي إيران.
وليس من شأن أردوغان ولا من شأن الغنوشي أن يكونا أوصياء على الشعب المصري الذي يبلغ تعداده مئة مليون والذي بات يرفض بشدة أية وصاية، حتى وصاية الدولة الأكبر في العالم.
إذا وصل المشير السيسي إلى حكم مصر أو لم يصل فهذه هي إرادة المصريين ولا شأن لأحد بها، فلماذا الإصرار على فرض عدم الاستقرار على أكبر دولة عربية في المنطقة؟ ولمصلحة من ينفق أردوغان وغيره من السفهاء ملايين الدولارات من أجل تكوين “جيش حر” في مصر لضرب الجيش العربي الوحيد الذي ظل متماسكا بين جيوش الدول التي أطلقوا عليها دول الربيع العربي.