إكمالا لما بدأناه في تعليقنا عن غضب أخواتنا المغربيات اللاتي أسيء إليهن في بعض الأعمال الفنية العربية، نقول إن الدعارة لا يخلو منها مكان في العالم، والنماذج الراقية المشرفة للمرأة لا يخلو منها مكان في العالم، والذي يصف نساء دولة دون غيرها أنهن كلهن داعرات هو إنسان جاهل أو إنسان يسعى للكسب بأي ثمن.
غير أنني انشغلت بجزئية محددة في تفاصيل الخبر الذي قرأته حول هذا الموضوع وهي أن إذاعة “البي بي سي” هي التي تطوعت بنقل سؤال للسيد وزير الإعلام المغربي عن عمل فني مصري وآخر كويتي أساءا للمرأة المغربية، لتأخذ منه تصريحا حول هذا العمل والمسؤولين عنه وجنسية هذا العمل، فهي فرصة ذهبية لدق إسفين جديد بين العرب.
القائمون على إذاعة البي بي سي يعلمون دون شك مسألة الشرف لدى العرب، ويعرفون أن إسفينا من هذا النوع لن يتم التنبه إليه وسط مشاعر الغضب التي ستنطلق على الفيس بوك والتي ستقوم مؤسسات كارهة للعرب بتغذيتها بإشعال النقاش وتعرية جميع أطراف القضية وتمزيق ما بينهم من أواصر. فهي تريد أن تضع أبناء مصر وأبناء الكويت في معسكر وتضع أبناء المغرب في معسكر مضاد لكي تبدأ بين الفريقين معركة يتم خلالها، ليس فقط تعرية النساء، ولكن تعرية الرجال وإظهار معايب كل المجتمعات العربية وخلق ضغينة كتلك التي زرعت بين أبناء مصر وأبناء الجزائر بسبب مباراة في كرة القدم.
أنا لا أصدق أن الحرب التي اتسع مداها بين شباب مصر وشباب الجزائر على شبكة الانترنت قد أتت هكذا بشكل غير مخطط أو أنها رد فعل طبيعي لمنافسة رياضية، ولكنها قد خطط لها من قبل جهات إعلامية وغير إعلامية تعلم الطبيعة الحماسية لهذين الشعبين. ولم يكن إعلام البلدين وحده المسؤول عن صنع هذه النار، مع أنه ابتلع الطعم في أحيان كثيرة.
ورغم أنني أقدر وأتفهم الغضب المغربي جيدا تجاه هذه القضية، إلا أنني أخشى أن يكون ما حدث بداية لسجال جديد بين أبناء العرب على الفيس بوك وغيره من أدوات هذه الشبكة الجهنمية التي أتمنى أن تصبح أداة لتحقيق التفاهم والتعاون بين أبناء العرب وليس أداة لهدم ما بينهم من أواصر.
من حق نساء ورجل المغرب الشقيق – ونحن معهم – أن يبدأوا حملة مكثفة تظهر المرأة المغربية على حقيقتها ويبرزوا إنجازاتها المشرفة في كافة المجالات، ولكن عليهم أن يتنبهوا إلى خطورة الدخول في سجال يكون جميع المشاركين فيه خاسرون، وعليهم أن يتنبهوا إلى وجود أصابع غير نظيفة تعبث على الدوام بالعلاقات بين الشعوب العربية.
وفي النهاية نقول: لا مرحبا بمحطة البي بي سي التي حملت السؤال المغرض إلى المسؤول المغربي لكي تدق إسفينا جديدا بين العرب.