عندما قرأت الأرقام التي قام وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة بإطلاع لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني عليها نهاية الأسبوع الماضي حول المسيرات القانونية وغير القانونية وأعمال الشغب التي وقعت في مملكتنا العزيزة منذ انتهاء حالة السلامة الوطنية،أصابتني حالة من الضحك،16 مسيرة أو تجمعا قانونيا،في مقابل 1235 مسيرة وتجمع غير قانوني و 7238 حالة شغب وحرق وتخريب ،إضافة إلى 25900 بلاغ متنوع.
ألا تتفقون معي أن هذه الأرقام تدعو إلى الضحك،بل تدعو للمرارة؟علينا أن نجمع هذه الأنشطة الاحتجاجية ثم نقسمها على عدد الشهور أو الأسابيع أو الأيام أو الساعات أو الدقائق التي وقعت فيها لنعرف دلالة هذه الأرقام.
في بلد تعداد سكانه يبلغ حوالي مليون نسمة،هل من المنطقي ومن الطبيعي أن يحدث فيه هذا العدد من المسيرات الاحتجاجية غير المرخصة وأعمال العنف والشغب والحرق؟
إن خروج 16 مسيرة قانونية منذ حالة السلامة حتى الآن هو عدد كبير وغير منطقي، فما بالنا بهذا العدد الأسطوري للمظاهرات غير القانونية وأعمال العنف والبلاغات؟
ليس هذا الكلام محاباة للحكومة ولا لوزارة الداخلية،ولكن هذه الأرقام تدل بصدق على أننا شعب لا يعمل ولا ينتج،لأن وقتنا كله نقضيه في مظاهرات قانونية أو مظاهرات غير قانونية أو بلاغات!فكم درسا أعطاه كل معلم لتلاميذه،وكم درسا أو محاضرة ذاكرها كل طالب؟وكم لبنة وضعها كل بناء،وكم مريض عالجه كل طبيب،وكم خطبة خطبها كل خطيب،وكم آية من القرآن علمناها لأبنائنا؟ وكم كتاب قرأناه خلال تلك الفترة؟وكم رياضة مارسناها؟
لو جمعنا عدد المسيرات والاحتجاجات وأعمال العنف التي وقعت خلال الفترة المذكورة لفاقت بكثير ما أنتجه أهل البحرين مجتمعين من أنشطة اقتصادية وإنسانية ،كل في تخصصه،مع استثناء رجال الأمن بطبيعة الحال، لأن من مهامهم،متابعة هذه المسيرات التي لا مثيل لها في العالم وربما في التاريخ الإنساني،سواء من حيث عددها،أو من حيث أسباب وقوعها!
وأعتقد أننا إذا قمنا بجمع كل المظاهرات القانونية وغير القانونية التي وقعت في أمريكا بولاياتها الخمسين ومعها دول أوروبا،خلال نفس الفترة التي حددها وزير الداخلية، لتفوقنا بكثير على هذه الدول،إننا نستحق أن نوضع على موسوعة “جينيس”كأكثر شعب يمارس الاحتجاج في العالم.
أليس الهدف المعروف للمظاهرات السلمية هو توصيل رسالة أو رسائل لأولي الأمر بخصوص قضايا معينة،داخلية أو خارجية؟أم أن المظاهرات غاية في حد ذاتها ونشاطا إنسانيا كالطعام والشراب والقراءة وممارسة الرياضة وممارسة الجنس والقراءة؟
هل يليق بشعب أن يكون أكثر نشاط إنساني يمارسه في حياته هو المظاهرات والاحتجاجات؟هل يمكن أن يتقدم شعب يتظاهر أكثر مما يقرأ وأكثر مما يعمل؟