من الطبيعي جدا أن يرفض الجميع الإرهاب، ومن المنطقي أن يحضر الكثير من الزعماء والوزراء تلك التظاهرة الفرنسية التي خرجت تندد بالإرهاب عقب الهجوم الإرهابي الذي وقع على جريدة شارلي إيبدو وراح ضحيته بضعة أشخاص، ونحن جميعا نتضامن مع الجريدة الفرنسية ونرفض الإرهاب اللعين، خصوصا أننا العرب والمسلمون الأكثر تضررا من الإرهاب.
ورغم أن العالم، الذي اجتمع خلال أربع وعشرين ساعة وذهب إلى باريس يشد على أيدي الفرنسيين ويدعم الرئيس الفرنسي، لم يلتفت أبدا إلى الأحداث الإرهابية التي تحصد المئات، بل الآلاف من المسلمين، خلال العمليات الإرهابية اليومية، إلا أننا نؤيد ونرحب بهذه الوقفة العالمية التي تمت في باريس من أجل هؤلاء الذين سقطوا كضحايا رغم قلة عددهم.
فقط الإرهابيون هم الذين لا يؤيدون وقفة عالمية وتحركا عالميا جادا ضد الإرهاب، والإرهابيون فقط هم الذين لا مكان لهم في التظاهرة الفرنسية العالمية ضد الإرهاب، لأن وجود الإرهابيين في الصورة يحول هذه الصورة إلى صورة هزلية وعبثية في أنظار الناس.
أفسدت الصورة في تلك التظاهرة وكانت مقززة مثل الطعام الذي نصفه من الملح، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان موجودا بها.
وكانت سخافة الصورة ستزداد لو أن هؤلاء الذين أرادوا رفع العلم الإسرائيلي خلالها قد تركوا على هواهم واتخذوا هذا العلم الذي قام على سفك الدماء رمزا لتظاهرة تناهض القتل وسفك الدماء.
سيظل العالم مضطربا وستظل الكراهية والصراعات موجودة، مادام العالم لا يعرف معايير الإرهاب ولا يتفق على تعريف جامع مانع للإرهاب.
وسيظل الكيل بمكيالين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والمعايير الأميركية المزدوجة من أهم أسباب عدم استقرار العالم.
كيف نقتنع نحن العرب والمسلمون بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يناهض الإرهاب، وهو من أكبر صناع الإرهاب ورعاته في هذا العالم؟
لا فرق بين بنيامين نتنياهو وبين أي قائد من قيادات الإرهاب التي تعيث في الأرض فسادا، ولكن العالم الذي تقوده الولايات المتحدة غير قادر على تسمية الأشياء بأسمائها الصحيحة.