“نائب الشاورما”

“نائب الشاورما”

تعرفنا من قبل على النائب البرلماني السلفي الذي أجرى عملية تجميل لأنفه القبيح على حساب الحزب الذي ينتمي إليه، وزعم أنه تعرض لاعتداء من قطاع الطرق فأصابوا أنفه واضطروه لعمل هذا الجراحة، وتعرفنا على النائب السلفي الذي ضبط متلبسا بفعل مشين في الطريق العام، وكان هذان في دولة عربية أخرى،واليوم نتعرف على نائب الشاورما.
عندما يكون الإنسان نائبا برلمانيا أو مسؤولا حكوميا لابد أن يكون على حذر فيما يقوله ويفعله، ولابد ان يخفي غطرسته وعنصريته إن كان عنصريا، لأن تصرفاته وأقواله ستحسب عليه كونه نائبا عن الشعب بأكمله وليس عن الدائرة التي أتت به إلى مقعده في البرلمان.
ولأن الشعب الذي يمثله السيد النائب به الغني وبه الفقير وبه صانع الشاورما، فلابد أن يكون النائب على قدر من الفطنة في حديثه عن الناس ولا يجب أن يحقر من أية مهنة، فصانع الشاورما إنسان شريف يقدس العمل ويكسب من عرق جبينه.
وصانع الشاورما الذي يجيد صنعها ويضع فيها من التوابل ما يعطيها مذاقا طيبا يشكره الناس على صناعته،ولكن النائب – الذي صناعته الكلام – إذا قال كلاما يحقر فيه من شأن فئة من الناس سوف يتقزز الناس من كلامه كما يتقززون من الطعام الحامض أو الطعام الخالي من الملح.
نائب بحريني يلوم وزارة التربية والتعليم أن قامت بتعيين مدرس تربية فنية، لأن هذا المدرس سبق له أن عمل كصانع للشاورما، رغم أن هذا المدرس كما عرفنا يحمل بكالوريوس الفنون الجميلة ويمارس عمله في مدرسته بتفوق.
أشكر الذين سبقوني بالكتابة عن هذا الموضوع الذي يسيء بشدة لمكانة النائب البرلماني، خصوصا الزميل محمد مبارك جمعة في جريدة أخبار الخليج عندما رد على النائب بشكل ذكي وأعطاه درسا في التواضع،وأدعو من لم يكتب في هذا الموضوع أن يفعل، لأن هذه الحادثة يجب أن تكون مناسبة لفتح ملف مهم جدا بالنسبة لنا في الخليج العربي وهو مسألة النظر إلى المهن اليدوية على أنها مهن حقيرة.
ولا أبالغ إذا قلت إن تكبر أبناء الخليج ورفضهم لبعض المهن يسبب الكثير من مشكلاتنا الاجتماعية والاقتصادية ويضطرنا إلى استقدام العمالة الأجنبية التي تكلفنا ملايين الدولارات.
ليس هناك وظيفة حقيرة طالما انها لا تخالف الدين والقانون والأخلاق، وبالتالي فالنائب لابد أن يراجع نفسه ولابد أن يحترم أصحاب المهن المختلفة.
إنني أعرف دبلوماسيا عربيا ناجحا جدا كان يعمل في فترة من حياته صانعا للشاورما في العراق، وأعرف رئيسا تركيا كان يعمل بائعا للعصير وأعرف رئيسا عربيا راحلا كان في فترة من حياته يعمل حمالا من أجل كسب قوت يومه.
ولكن يبدو أن نائبنا لا يعرف شيئا عن سير أناس كهؤلاء ولا يعرف حكاية الحمارين الثلاثة (بفتح الحاء وتشديد الميم)، فاستكثر على خريج الفنون الجميلة أن يعمل مدرسا للتربية الفنية لأنه سبق أن عمل كصانع للشاورما.
وإلى عمود الغد، وحكاية “الحمارين الثلاثة” المهداة إلى نائبنا.