هورة سند أصبحت مثل “عين جالوت” و”سايكس بيكو” و”سقوط بغداد” وأحداث التاريخ الكبيرة التي درّسوها إياها في المدارس وحفظناها، فنحن في البحرين اعتدنا على تكبير بعض الأشياء الصغيرة لدرجة مضحكة. فالمشكلة التي تنشرها صحف العالم في خمسة أسطر في يوم واحد وينتهي الأمر، تفرد لها عندنا المساحات، وتستغرق الأسابيع والشهور، وتظل تلح على عقول الناس حتى يعتقدوا أن هذه المشكلة هي السبب في كل ما ينغص عليهم حياتهم.
فهورة سند التي قضى البعض أسابيع في تناولها، طولاً وعرضاً وتحليلاً، لا تستحق كل هذا الضجيج الإعلامي الذي صنعناه. قد يكون هناك تقصير أو إهمال أو تعمد أو حتى انحراف من شخص حكومي في هذه القضية، ولكن الأمر يبقى حادثة بسيطة يجب أن تعطى المساحة التي تستحقها فقط من دون تهويل، ومن دون أن تدبج فيها المقالات والأعمدة إلى الحد الذي جعلها تتفوق على حرب العراق وأنفلونزا الخنازير وفساد الجامعات الخاصة التي فاحت رائحة بعضها بشكل يزكم الأنوف.
على مدى أسابيع مضت، كلما فتحنا بعض الصحف، لا نجد سوى هورة سند التي دخلت التاريخ وأصبحت مثل الإلياذة والأديسا، ومن لم يكتب عن هورة سند فقد كتب عن هورة سند! خمسة آلاف كلمة ويزيد في اليوم الواحد، لا تكفي مرة أو مرتان لمعالجة قضية كهذه. إنني أخشى أن أفتح “اللولب” في الصباح فتنزل منه هورة سند.
تخيلوا أن شخصاً قد أتى ليزور البحرين للمرة الأولى، وهو لا يعلم شيئاً عن عاداتنا “التضخيمية” هذه، هذا الشخص قد يعتقد أن هورة سند شيء أخطر من الكوليرا وأنفلونزا الخنازير والإشعاع النووي.
أخشى أن يظل البعض يكتب عن “هورة سند” لأشهر مقبلة حتى يرزقوا بهورة أخرى يكتبون عنها، وأخشى أن تؤثر هذه الكتابات الكثيرة على الناس في شهر رمضان فيخصصوا جزءاً من صلاة التراويح للدعاء لهورة سند.
الزبدة:
قد يتضايق كثيرون من هذا الكلام، خصوصاً في ظل حاجة الناس للسكن، ولكن القضية المزعجة هنا هي التهويل الزائد في معالجة القضية، أما القضية ذاتها فلا شأن لأحد بها سوى جهات التحقيق والمسؤولين الذين سيعيدون الأمور إلى نصابها إن كان هناك تقصير أو خطأ.
وكل عام وانتم بخير، ورحم الله خليج توبلي!!