موسم التخريف السياسي لم يتأخر كثيرا هذا العام، فنحن مازلنا في شهر مايو، ففي شهر أبريل من العام الماضي حرضت صحيفة كيهان القريبة من المرشد الأعلى للثورة (الإسلامية) في إيران على اغتيال شخصيات سعودية، ودعت إلى التدخل العسكري في البحرين ردا على دخول قوات درع الجزيرة إليها. وفي فبراير من العام 2007، اطلق آية الله شريعتمداري فتواه العجيبة حول البحرين وعروبة البحرين.
وها نحن في شهر مايو 2012 نسمع شطحة جديدة من شطحات ونطحات مجلس النواب الإيراني على اثر الصدمة التي أصابت رئيسه وأعضاءه بعد الاعلان عن اقتراب تدشين وحدة دول الخليج العربي.
ما معنى هذا الانفعال الهستيري الذي أصاب نواب إيران وجعلهم يصلون إلى حد الهذيان والخرف؟ وهل هناك سبب منطقي يجعلهم يعيدون على أسماعنا ترهاتهم التي زادت في السنوات الأخيرة؟ ما شأن البرلمان الايراني بدخول البحرين في وحدة مع المملكة العربية السعودية أو مع بقية دول الخليج العربي؟ هل أصبحت إيران وصية على شعوبنا لكي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة وتتدخل في شؤوننا الداخلية بهذه الطريقة التي وصلت إلى حد التخريف السياسي؟ على أي أساس يقول ملالي إيران ان البحرين جزء من بلادهم وان إيران أولى بها؟ هل أصبحنا بعد كل هذه السنين هدفا للأطماع الصفوية التوسعية بهذه الطريقة الفجة؟
معنى ذلك أن زمن الرشد السياسي ولى، وأصبحنا نعيش في زمن جديد هو زمن الوقاحة السياسية.
نعم، لا يوجد وصف آخر يناسب اللغة المنحدرة التي استخدمها نواب إيران في حديثهم عن دولة حرة ذات سيادة.
ما معنى أن يهذي أحدهم قائلا إن إيران أولى بالبحرين وأن البحرين كانت المحافظة الرابعة عشرة في بلده؟
ليست السعودية هي من تريد ابتلاع أراضي غيرها من الدول، ولكن إيران هي التي تريد ابتلاع الأراضي العربية التي احتلتها وهي التي تريد بسط هيمنتها على غيرها من الدول، تارة باسم الاسلام، والاسلام من ذلك براء، وتارة عن طريق اجترار أوهام الماضي والرغبة الدفينة في التسلط والغطرسة.
كيف نصدق أحاديثكم عن الوحدة الاسلامية، وكيف نصدق دموع التماسيح التي تسكبونها من أجل الدولة الفلسطينية، وأنتم بكل هذه العنصرية؟
إن كل ما فعلته إسرائيل فعلتموه أنتم أيضا، فأنتم تقومون بإبادة عرب الأهواز وتحتلون أراض عربية، ولا تخفون أطماعكم في إقامة الدولة الصفوية الكبرى، وإسرائيل تعمل على إبادة الفلسطينيين بعد أن احتلت أرضهم وديارهم وتسعى هي الأخرى لإقامة دولة إسرائيل الكبرى، فما هو الفرق؟
هل يحق لدولة تحتل أرضا إسلامية وتقتل مواطنين مسلمين وتطمع في مزيد من أراضي المسلمين أن تتحدث باسم الاسلام وتسعى لتنصيب نفسها زعيمة للمسلمين؟
هذه التصريحات الإيرانية الاستفزازية حول الاتحاد الخليجي تقدم دليلا جديدا على سوء النوايا الايرانية تجاه الجيران، وتثبت بما لا يدع مجالا للشك أن إيران الفارسية الصفوية لم تتغير وأن نزوعها للهيمنة والتسلط لم يغيره الاسلام ولا الثورة الاسلامية.