كان ولابد ان يخرج تجمع الوحدة الوطنية بهذا الحشد الكبير في وداي الحنينية، طالما أن الشيخ عيسى قاسم لا يزال مصرا في خطبة الجمعة – التي تحولت إلى خطبة طائفية أو حملة دعائية رمادية – على أن المطالب الطائفية التي ينادي بها هي مطالب المعارضة البحرينية.
خروج تجمع الوحدة الوطنية اصبح مهما لتصحيح الصورة المغلوطة وتقديم البحرين في وسائل الإعلام كما هي وليست كا يراد لها من خفافيش الظلام الساعين إلى محوها من على الخريطة، فالبحرين ليست مجموعة من محترفي الاثارة ومحترفي الظهور في وسائل الإعلام ومراسلة الجهات الأجنبية ومؤيديهم من رجال الطابور الخامس.
إذا كانت الوفاق أخرجت تظاهرة وأطلقت خطبا نارية في “المصلى”، فقد خرجت الأغلبية التي كانت صامتة حتى وقت طويل بتظاهرة تفوقها وأعلنت أمام العالم أن الفئة التي طالما صورت نفسها على أنها المعارضة البحرينية هي فئة لا تمثل سوى نفسها وأنها مجموعة طائفية تسعى لتحقيق مطالب لطائفة واحدة وليست معارضة وطنية تطالب بميزات للشعب البحريني كله.
نحن لا نريد أن ندعو إلى حشد طائفة في مواجهة طائفة أخرى، ولكننا نريد أن نبين لمن أخذهم الغرور وتولوا تزييف الوعي في الداخل وتزييف الصورة في الخارج أن البحرين ليست لهم وحدهم وأن ما يطالبون به، مهما غلفوه وزينوه لن ينطلي على الغالبية من أهل هذا البلد وأن هذه الغالبية ترفض منهجهم الانتهازي الذي يعشق الصيد في الماء العكر.
نريد أن نقول للشيخ قاسم ان نهجكم الطائفي الساعي للأخذ من رصيد فئة وإعطائه للأخرى هو الذي أخرج الصامتين عن صمتهم وهو الذي جعل هذه الحشود المنخرطة في تجمع الوحدة الوطنية تنفض عن نفسها غبار السنين وتنتبه للمؤامرة الخبيثة التي ظلت تحاك في الخفاء خلال سنوات مضت ثم انكشفت وانكشف أهلها.
إن الجماهير التي يغرر بها الشيخ قاسم وجمعية الوفاق لا تشغلها الملكية الدستورية ولا يشغلها مخططات الوفاق الانقلابية ولا يشغلها محاولات الوفاق للقفز على على السلطة في البحرين، ولكن يشغلها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ويشغلها تعليم أبنائها وضمان مستقبلهم.
الوفاق تتاجر بالمطالب الاجتماعية العادلة للناس وتعدهم بالفقر والظلم إن لم يخرجوا، والشيخ قاسم يجعل من خروج الناس واحتجاجهم عبادة وتقربا إلى الله ويخلط بين أهل الطائفية وأهل المعارضة ويستفيد في ذلك من حالة الالتباس التي تسيطر على كثير من الجهات الخارجية حول طبيعة الأوضاع في البحرين.
الديمقراطية حققت الاستقرار والعدل بشكل نسبي في كثير من دول العالم،ولكن الديمقراطية على طريقة الشيخ قاسم وجمعية الوفاق بالتفاصيل والمواصفات التي يريدونها سيكون ثمنها البحرين نفسها.
حمى الله البحرين من كل سوء.