من مآسينا نحن العرب

من مآسينا نحن العرب

من مآسينا نحن العرب، ومن الأسباب المهمة التي أدت إلى تخلفنا واختراقنا من قبل غيرنا ووقوعنا ضحية للمؤامرات وعدم اكتشافنا للمؤامرة إلا بعد وقوعها، أننا أمة لا تقرأ، فكل الإحصائيات والدراسات تؤكد أن ما يقرأه الفرد العربي خلال العام هو أقل من عشر دقائق مقابل 200 دقيقة أو يزيد للفرد الأوروبي.
إنه شيء عجيب حقا أن يكون العرب، خصوصا المسلمون منهم هكذا، لأن أول آية نزلت في القرآن تقول “اقرأ” ولأن الحضارة الإسلامية العظيمة قامت على القراءة.
ولأننا لا نقرأ، فنحن لا نستفيد من التاريخ ونتعرض في حاضرنا لما نتعرض له من عبث بمقدراتنا وسعي للقضاء علينا إلى الأبد، فلو كنا نعرف كشعوب ما يعرفه المثقفون والنخبة عن أحداث التاريخ ونعرف سايكس بيكو والظروف التي أدت إليها والنتائج التي ترتبت عليها لكنا قد درسنا جيدا الكثير من مواقفنا وتحركاتنا في الحاضر، فلماذا نحن كذلك؟
هل السبب يرجع للمسؤولين عن التعليم والثقافة والسياسة في بلاد العرب، أم أن هذه الأمة مصابة دون غيرها بداء كره القراءة؟
صحيح أن الأمية من أسباب هذه الظاهرة، ولكن حتى الأمية في القرن الحادي والعشرين هي نوع من العار،فتعريف الأمية لدى بقية العالم يختلف عن تعريف الأمية لدى أمة العرب، فالأمي في فترة سابقة لدى غيرنا من الأمم كان من لا يجيد لغة أجنبية على الأقل، ثم أصبح الأمي هو من لا يجيد التعامل مع الكمبيوتر، ولكن الأمي لدى العرب هو من لا يجيد القراءة والكتابة، وهو أمر يجعلنا دوما خارج التعريف العالمي للأمية،ويجعلنا حالة شاذة في هذا العالم.
شيء عجيب أن يقلد شبابنا شباب الغرب في الملبس والحلاقة وفي سفاسف الأمور ولا يقلد في القراءة وفي بناء النفس والعقل! شيء عجيب أن نأخذ من الإنترنت الأفلام ولا نلتفت إلى ما حمل عليها من أطنان الكتب من كل العصور وفي كل فروع العلم والثقافة.
لا شك أن هناك مسؤولية ما على الحكومات في عدم تشجيع الثقافة، فالمثقف على ما نرى أصبح أفقر الفقراء ولم يعد له شأن يذكر لدى الحكومات والحكام، وبالتالي فهو نموذج لا يجذب الشباب في ظل العالم المادي الذي نعيش فيه والذي يقدس المال والمتعة.
ولا شك أن وزارات الثقافة والإعلام ووزارات التربية والتعليم في عالمنا العربي لم تبذل جهدا يذكر لتحفيز الشباب من أجل القراءة، ولكن هناك مسؤولية مجتمعية نتحملها جميعا حول عدم غرس قيم معينة في نفوس الصغار، فمن منا يحرص على تحفيز أبنائه على القراءة ويشتري لهم الكتب كما يشتري لهم الطعام ووسائل الترفيه؟ إننا نجعل تركيزنا على حصول الأبناء على شهادات دراسية بكل السبل على اعتبار أن غايتنا هي الشهادة، لكي يصبح لهؤلاء الأبناء وضع اجتماعي وينالون الوظيفة المحترمة، ولكننا لا ننشغل بوصول أبنائنا إلى درجة من الثقافة، وبالتالي تنتهي علاقتهم بالكتاب بحصولهم على الشهادات.
ما نتمناه أن تهتم وزارات الثقافة العربية بأمر هذه التقارير وأن تفعل شيئا تدافع به عن وجودها في مجال نشر القراءة كأهم أداة لتثقيف الشعوب.
زبدة القول
يقول الفيلسوف الفرنسي فولتير إن الأمم يقودها “هؤلاء الذين يقرأون ويكتبون”، ويقول غوستاف فلوبير، الأديب والروائي الفرنسي، “اقرأ كي تحيا!”.