ملاحظات حول وثيقة المنامة

ملاحظات حول وثيقة المنامة

مع احترامنا لحرية التعبير، فقد جاءت الورقة التي أطلق عليها أصحابها وثيقة المنامة مثيرة للاهتمام ومثيرة للدهشة، ابتداء من العنوان وحتى آخر جملة وردت بها.
العنوان في كثير من الأحيان يدل على المضمون الذي تحته، وعنوان الوثيقة التي أصدرتها جمعية الوفاق والجمعيات الصغيرة التي تدور في فلكها، به مبالغة شأن المضمون الذي كتبته الوفاق ومن يرتبطون بها، فهل من الجائز منطقيا ودلاليا أن نطلق تعبير “وثيقة المنامة”على مجموعة مطالب وأحلام تخص جمعية سياسية ومعها بعض الأتباع الذين لا يملكون رصيدا سياسيا في الشارع البحريني؟
“وثيقة المنامة” عنوان يناسب ما يتمخض عنه اتفاق بين دول وليس ما تتمخض عنه أحلام بعض السياسيين الطامحين لتغيير الأوضاع في بلدهم.
هذه الورقة وقعت من قبل جمعية الوفاق وعندما ننتقل إلى ما ورد بالوثيقة نجد أصحابها كالعادة يتحدثون باسم شعب البحرين كله وهذه قمة المغالطة، فليس من حق جمعية الوفاق أن تتحدث باسم الشعب البحريني، ونحن نقول الوفاق وحدها، لأن الجمعيات الأخرى التي وردت أسماؤها على هذه الورقة هي مجرد أسماء وليس لها أي ثقل في الشارع السياسي.
اصحاب الوثيقة بالغوا عندما قالوا أن أكثر من نصف الشعب البحريني خرج منتفضا في ذلك اليوم المشئوم الذي فقدنا فيه الأمن لأول مرة وامتلأت قلوبنا بالخوف.
الذين خرجوا ليسوا أكثر من نصف ولا ربع الشعب البحريني ولكنهم مجموعة تنتمي لطائفة واحدة وتأتمر بأوامر الوفاق وعيسى قاسم ولا يعبرون عن الشعب البحريني بتلاوينه المختلفة.
لقد بالغت الورقة المذكورة في وصف السلبيات، خاصة في تناولها للبنية التحتية والتعليم والصحة، حيث قررت ان المستوى التعليمي في البحرين قد تراجع السنة تلو الأخرى دون ان تقيم الدليل على هذا التراجع سوى الزيادة في عدد تلاميذ الفصل من 24 تلميذا إلى 35 تلاميذا، وقالت أن البحرين عاشت لفترة طويلة بمستشفى عمومي واحد وأن المستشفى الآخر تحت إمرة الجيش وليس وزارة الصحة، وهذه أيضا مبالغة ليس لها ما يبررها، ففي بلد لا يصل تعداده إلى المليون نسمة يكفيه مستشفيين احدهما مدني والآخر عسكري إلى جانب المراكز الطبية المنتشرة في كافة أرجاء المملكة، والتي لا نظير لها إلا في الدول العربية الأخرى باستثناء دول الخليج.
أما الشيء الذي يدعو للسخرية بحق فهو مطالبة الوفاق وأخواتها بمراجعة حالات التجنيس التي تمت خلال السنوات الماضية وإسقاط الجنسية عن الحالات التي تجنست بشكل غير قانوني حسب وصف الورقة، فعلى أي أساس سيعتبرون هذه الحالة أو غيرها غير قانونية وماذا سيفعلون بأناس عاشوا وتأقلموا وارتبطوا منذ زمن بهذه الأرض وأحبوها و أعطوها وأعطتهم؟
لقد اعترف اصحاب هذه الورقة في النهاية أن هناك صراعا بين فريقين في البحرين حول التغيير او الابقاء على الوضع الراهن، ونسوا انهم في البداية قد تحدثوا باسم الشعب كله ولم يتحدثوا عن فريقين.
إنها بحق ورقة تنقصها الصراحة وتغلب عليها المغالطة والمبالغة، وكان بإمكان اصحابها أن يكونوا أكثر مصداقية لو أنهم ركزوا على مطالب سياسية محددة وطالبوا بمميزات إضافية لطائفة بعينها، بدلا من خلط الأمور، خاصة وأن ما تحدثوا عنه في مجال الصحة والتعليم والبنية التحتية وتنويع مصادر الدخل، لا يتطلب كل التخريب الذي وقع والذي أضر بموارد البلاد وأثر على الانتاج وخطط التنمية.