اليوم يحل رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة الرئيس محمد حسني مبارك ضيفا على أخيه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، في زيارته السنوية لمملكة البحرين، وهي زيارة لابد منها كل عام. فمنذ سنوات طويلة والزيارات المتبادلة بين جلالة الملك حمد والرئيس مبارك لم تنقطع، وهذا يدل على مدى الدفء الذي تنعم به العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين وبين مصر الشقيقة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
والعلاقات البحرينية المصرية ليست وليدة اليوم، ولكنها أخذت شكلا أكثر رسوخا وعمقا خلال حكم جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة نظرا للعلاقات الأخوية العميقة بينه وبين أخيه الرئيس محمد حسني مبارك.
فقد شهدت هذه العلاقات محطات مهمة وكثيرة منذ العام 1919 عندما أنشأ المصريون أول مدرسة خاصة في البحرين ثم مدرسة أخرى حكومية في العام 1920 ثم بدأت العلاقات في التطور في كافة المجالات حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن.
وكانت مصر ولا تزال سباقة في الوقوف إلى جانب مملكة البحرين، خاصة ضد المزاعم الإيرانية، حيث سارعت مصر في عام 1971 إلى الاعتراف باستقلال البحرين فور إعلانه في الرابع عشر من أغسطس 1971 ثم أقامت أول بعثة دبلوماسية في عام 1972.
وعندما صدرت بعض التصريحات الإيرانية التي حاولت النيل من سيادة البحرين واستقلالها قبل عامين، كان الرئيس مبارك أول من زار البحرين والتقى بأخيه جلالة الملك حمد بن عيسى عاهل البلاد المفدى.
وكانت البحرين من جانبها متفاعلة مؤيدة للحركة الوطنية المصرية خلال حلقات الكفاح المتعاقبة ابتداء من ثورة 1919 ومرورا بثورة يوليو 1952 وما تلاها من أحداث خاصة أثناء بناء السد العالي والعدوان الثلاثي على مصر ومظاهرات التأييد التي اطلقت في شوارع البحرين تضامنا مع كفاح الشعب المصري.
وفي يوم رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر تحولت البحرين كلها إلى جنازة كبيرة وخيم الحزن على كل ركن فيها.
وخلال حرب أكتوبر 1973 مارست البحرين دورها القومي كما ينبغي أن يكون ووقفت إلى جوار الشقيقة مصر بكل ما تملك. ولم يقتصر الأمر على الموقف الرسمي الداعم للأشقاء في مصر، ولكن الموقف الشعبي كعادته دوما كان يفيض بالوطنية والعطاء، فانطلقت سيارات الإسعاف في شوارع البحرين وتزاحم أبناء البحرين للتبرع بالدم لمساعدة الجيش المصري البطل، الذي كان الرئيس محمد حسني مبارك أحد قادته العظام، الذي ساعد في انجاز النصر الكبير بقيادته للقوات الجوية المصرية آنذاك.
أردت أن أذكر بهذه المحطات المهمة في تاريخ العلاقات البحرينية المصرية خلال زيارة ضيف البحرين الكبير الرئيس محمد حسني مبارك، لأوجه رسالة إلى سيادته وإلى الإخوة المصريين أن مكانة مصر العروبة في قلوبنا لن تتزحزح، مهما كانت الأحداث ومهما كانت الحملات الحاقدة التي تسعى إلى التشويش على الدور المصري وعلى مكانة مصر لدى الشعوب العربية.
زبدة القول:
من أجمل ما سمعته في حياتي عن مصر العروبة كلمة ألقاها أحد أبناء البحرين (عيسى هجرس) في أمسية من الأمسيات التي كان يقيمها المستشار الإعلامي المصري النشيط جابر حيدر في الملتقى الثقافي الأهلي. وأكثر ما أثر في ليلتها أن هذه الكلمة أبكت المصريين الذين امتلأت بهم قاعة الملتقى وتزاحموا بعد انتهاء الأمسية لتصوير هذه الكلمة المؤثرة. واعترف أن تأثر أبناء مصر ليلتها جعلني أحس بأبعاد ومعان أعمق لكلمة الوطن، يقول عن مصر:
“هي جسر الحب الذي يصافح القلوب عندما تستعصي مسافات الخلاف أن تقترب. هي اليد الماهرة التي عمرت صروح الأمس، وتغزل خيوط الشمس لفجر غد أجمل… كلما أحسسنا بضحالة العالم كانت مصر عمقاً لنا. وإذا حرف الراء جلس علي الارتكاز متوسطاً كلمة “عرب” فهو في مصر يأتي آخر الحروف ليوحي انها العمق والسند وآخر حصن يأوي الوجود العربي.
إخواني وأخواتي… تلد الأمهات كل يوم آلاف الرجال ولكن قد تحتاج الأمة ألف عام لتلد رجلا واحدا. والعزيزة مصر تحتفظ لنفسها علي رفوف الرصد والتوثيق بأكبر سجل لميلاد الرجال وأهرام العبقريات”.