مغالطات الوفاق التي لا تنتهي

مغالطات الوفاق التي لا تنتهي

عندما تدخل الوفاق الحوار الوطني وهي تخفي السلاح الذي ستطعن به الحوار عند لحظة معينة، فهذا شيء غير مستبعد وغير مفاجئ ويتفق مع تاريخ الوفاق وأساليبها المكشوفة في التعامل مع كل القضايا الوطنية، ويتفق أيضا مع كونها جمعية ترتبط بالخارج وتستمد قوتها ودعمها منه.
وعندما تنسحب الوفاق من الحوار قبل انتهائه، فهذا شيء متوقع أيضا، لأن الحوار مهما كانت نتائجه لا يتفق مطلقا مع خطط الوفاق الانقلابية التي تسعى إلى تحقيقها.
وعندما تعلن الوفاق أن الحوار فاشل، فهذا رأيها الذي يخصها وحدها، وهو شيء وارد أيضا في عالم السياسة، بل وفي عالم كرة القدم نفسها،حيث المهزوم دائما هو الذي يشكك في قواعد اللعبة ومجرياتها ويقوم بتشويه كل شيء طالما أنه لم يحقق الفوز.
ولكن الشيء المستفز حقيقة هو المغالطات التي تعتمد عليها الجمعية وزعيمها الروحي الشيخ عيسى قاسم في تبرير مواقفها، فالجمعية أعلنت فور صياغة مقررات الحوار الوطني وإذاعتها أنها ترفض هذه المقررات لأنها لا تمثل الإرادة الشعبية!!
فأي إرادة شعبية هذه التي تتسلح بها الجمعية وشيخها وتتحدث باسمها؟ ومن الذي فوض جمعية الوفاق وفوض الشيخ عيسى قاسم لكي يتحدثوا باسم الإرادة الشعبية؟
إنها المغالطة والجرأة التي لا تليق بالشيخ أن يقول إن شعب البحرين لن يتراجع عن تحقيق مطالب بعينها وانه سيثبت حتى تتحقق هذه المطالب. فمن الذي فوض الشيخ لكي يتحدث باسم الشعب البحريني؟ ربما يعتقد الشيخ أن المسيرة التي تحدث أمامها هي شعب البحرين؟
وكيف نفهم هذا البيان المهلهل لجمعية الوفاق الذي جاء فيه أن مطالبهم هي أقل المطالب وأكثرها تواضعا في واقع الثورات العربية، ولكنها أكثر الثورات التي ووجهت بالقمع والتنكيل على كل المستويات؟ ومن الذي يصدق هذا الكلام المزيف؟ هل الثورات العربية التي قارنوا أنفسهم بها دون أدنى شبه كانت مرتبطة بمرجعيات خارجية؟ هل كل الثورات العربية مدعومة من إيران ومؤيدة بتصريحات جنتي وغير جنتي؟ وأين هو هذا التنكيل الذي حدث في البحرين؟ هل يتحدث البيان عن المنامة أم عن مصراتة أم دير الزور أم عن صنعاء؟
وهل يستطيع أتباع ولاية الفقيه في البحرين أن يعطوا لنا تفسيرا لمواقف إيران المتباينة دون منطق من الثورات العربية المختلفة؟ لماذا أيدت إيران ثورة المصريين وحاولت دس أنفها هناك، ثم قامت بالمساعدة في ذبح السوريين الذين لم يطلبوا شيئا مختلفا عن الذي طلبه المصريون؟
كيف يصف سماحة الشيخ نتائج الحوار بأنها توافق الموالاة مع نفسها؟ هل أنتم وحدكم الذين تعيشون على أرض البحرين؟ إنكم تهينون اهل البحرين بهذا الكلام الذي تفوح منه البغضاء والكراهية؟ أنتم لستم البحرين يا سماحة الشيخ ولا يحق لكم أن تتحدثوا باسم شعبها أو تصنفوه على هواكم، بل إنكم لا تمثلون إلا حفنة من أبناء المذهب الشيعي نفسه، وليس كل أبنائه.
بإمكانكم أن ترفضوا كل شيء، وبإمكانكم أن تقاطعوا الانتخابات وتعزلوا أنفسكم عن حركة الحياة، ولكن ليس من حقكم أن تتحدثوا باسم الشعب البحريني وتحاولوا تزيين منطقكم المهزوز بالحديث عن الإرادة الشعبية.