أتمنى عند نشر هذا العمود أن تصبح كلماتي بلا معنى وبلا قيمة وأن تكون المملكة العربية السعودية قد فتحت سفارتها في القاهرة وقنصليتها في الإسكندرية وفي السويس، وأدعو الله ألا يخيب ظني وألا ينجح سعي الساعين لضرب العلاقات بين الدولتين الشقيقتين، فقد كتبت هذه الكلمات بعد وقت قصير من سماعي للخبر المحزن.
إذا ساءت العلاقات بين مصر والسعودية فهذه لاشك ستكون في نظري أكبر مصيبة أصابت الأمة العربية والإسلامية في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها في الوقت الحالي.
منذ أعلن عن خبر استدعاء السفير السعودي في القاهرة للتشاور وإغلاق السفارة والقنصليتين، انطلقت الفتنة على التويتر والفيس بوك وشرع أهل الفتنة من أعداء هذه الأمة في صب الزيت على النار فهذه فرصة تاريخية لأعداء الأمة لكي يدمروا علاقات الدولتين ويوجهون ضربة كبيرة للأمة بكاملها.
أنا لا أصدق أن تكون التظاهرات التي وقعت أمام السفارة السعودية في القاهرة معبرة عن الشعب المصري،مهما كان السبب الذي انطلقت من أجله هذه التظاهرات، ولكنها لا شك أقلية مندسة تصطاد في الماء العكر وتريد الاضرار بمصر ذاتها، وأنا لا أستبعد مطلقا أن يكون هناك من يسعى من الخارج بل وينفق المال من أجل استغلال هذه الحادثة في الاجهاز على علاقات البلدين الشقيقين.
أنا أستغرب لماذا نحن العرب حساسون بهذه الدرجة تجاه بعضنا البعض، فقد يساء إلى المواطن العربي في أي مكان من العالم ولا نثور بهذه الطريقة، وكأننا نقبل الظلم من أي طرف آخر ولا نقبله من بعضنا البعض.
ليس هناك ما يدعو دولة في حجم المملكة العربية السعودية ذات المكانة والاحترام لكي تظلم مواطنا عربيا مقيما أو زائرا لأراضيها، سواء كان مصريا أو سوريا أو ليبيا أو غيره، فلماذا هذه الحساسية الكبيرة؟
إنني والله أطمئن نفسي وأقول إن العلاقات بين الدولتين الشقيقتين أكبر وأعمق بكثير من أن تتأثر بأحداث فردية لأشخاص غير مسؤولين، وأرجو ألا يخيب ظني وأن يسمو العقلاء فوق المهاترات التي تصنعها القلة المدسوسة.
لقد شعرت ببعض الاطمئنان عندما هرعت إلى القنوات الفضائية المصرية لأعرف رد الفعل الإعلامي والرسمي على ما حدث، فوجدت أن التلفزيون المصري يتحدث بمسؤولية ويضع المسألة في حجمها الطبيعي، ووجدت الضيوف العقلاء من الطرف المصري والطرف السعودي يتحدث باحترام متبادل ودون انفعال، ودعوت الله أن تكون الغلبة لمثل هؤلاء من الطرفين.
المملكة العربية السعودية ومصر هما العزم والسند والعمق لهذه الأمة ونحن بكل صدق لا نطيق أن يأتي اليوم الذي تنقطع فيه العلاقات بينهما.
خيب الله سعي من يريدون القطيعة بين الدولتين وأسكت أصوات الشامتين الكارهين لهذه الأمة.