مشروع الأمن الغذائي في السودان

مشروع الأمن الغذائي في السودان

كثيرا ما كتب الكتاب، وكثيرا ما تحدث وكتب علماء الاقتصاد والزراعة عن أراضي السودان الواسعة والغنية في نفس الوقت وإمكانية تأمين الغذاء لأجيالنا القادمة من خلال زراعة هذه الأراضي التي تعد من أجود الأراضي في العالم.
وقد تمنينا كثيرا أن تقوم الدول العربية، خاصة النفطية منها بالاستثمار الزراعي في هذا البلد العربي الشقيق لتوفير حاجة الأجيال القادمة من الغذاء في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار المنتجات الزراعية والحيوانية،وحفاظا على الأمن القومي العربي بشكل عام.
وها نحن نرى بعض ما حلمنا به يوشك أن يتحقق على أرض الواقع، فقد قامت دولة السودان الشقيقة بمنح البحرين مئة ألف فدان لإقامة مشروع أمن غذائي على أراضيها تحقيقا لمصلحة الشعبين الشقيقين.
مشروع الأمن الغذائي البحريني المزمع إقامته في السودان في تقديري هو من أعظم ما يمكن إنجازه من علاقات تعاون وتكامل اقتصادي بين بلدين عربيين، وليت بقية الدول العربية الخليجية تسير في هذا الاتجاه الذي يصب مباشرة في مصلحة الأمن القومي العربي.
ولو كانت الدول العربية قد قامت منذ وقت مبكر باستغلال فوائدها النفطية الكبيرة في الاستثمار في إفريقيا بشكل عام وفي السودان بشكل خاص لحققت انجازات اقتصادية لا مثيل لها، مهما كانت التكلفة اللازمة لهذا الاستثمار ذي البعد الاستراتيجي المهم.
مصر – الدولة العربية الكبيرة – خسرت كثيرا عندما أعطت ظهرها لأفريقيا وأهملت عمقها الاستراتيجي وضربت أمنها القومي في الصميم، والآن تواجه أخطارا مصيرية بما جنته أيدي نظام الرئيس السابق حسني مبارك.
لقد تركت مصر ومعها كل العرب – خاصة الذين يملكون الفوائض المالية – المجال لإسرائيل لكي تمرح بكل راحة في هذه القارة السمراء وتضرب الأمن القومي المصري، الذي هو مكون كبير ومهم من مكونات الأمن القومي العربي.
وقد كان من نتائج هذا التغلغل الصهيوني توجيه أكبر طعنة للأمن القومي العربي بشكل عام والمصري بشكل خاص عندما تم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب.
ولو كانت مصر قد صنعت علاقات تعاون حقيقي مع دول حوض النيل الذي هو شريان الحياة بالنسبة لها لما وصلت إلى ما وصلت إليه من تهديد خطير في هذه الأيام، ولما قامت إسرائيل وغير إسرائيل بدفع إثيوبيا إلى إقامة سد الألفية الذي ستكون نتائجه كارثية على مصر وسوف يؤثر سلبا على الأمن العربي كله.
نتمنى من الله أن يكون مشروع الأمن الغذائي البحريني في السودان نقطة بداية لفكر عربي جديد تجاه السودان التي يمكن أن تكون سلة غذاء لكل العرب.