مسجد في ميونخ… وكالة الاستخبارات الأميركية وصعود الإخوان في الغرب

مسجد في ميونخ… وكالة الاستخبارات الأميركية وصعود الإخوان في الغرب

مسجد في ميونيخ كتاب غاية في الأهمية لكل عربي وكل مسلم ولابد لمن لم يقرأه حتى الآن أن يبادر إلى قراءته ففيه أدلة جديدة عن استخدام الغرب للإسلام في تنفيذ مخططاته، بما فيها ضرب الإسلام نفسه، وعلاقة أجهزة الاستخبارات الغربية بجماعات العنف والإرهاب التي يتم من خلالها تشويه الإسلام والمسلمين وتنفيذ مخططات هذه الدول.
الكتاب ليس من تأليف كاتب عربي أو مسلم، ولكنه تأليف باحث وكاتب غربي هو إيان جونسون الذي ولد في كندا عام 1940، وعمل مراسلا في جريدة وول ستريت في ألمانيا والصين، وحصل على جائزة بوليتزر عام 2001، وله مؤلفان الأول هو العشب البري: ثلاث صور للتغيير في الصين، صدر عام 2004 وترجم إلى عدة لغات والآخر هو مسجد في ميونخ: النازيون، وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وصعود الإخوان المسلمين في الغرب، الصادر عام 2010، وعاد إيان جونسون إلى الصين ليعمل كاتبا متفرغا بعد اعتزاله الصحافة.
يقول إيان جونسون، إن المخابرات الأميركية دعمت الإسلاميين لعقود طويلة، بهدف ردع الاتحاد السوفيتي، وإن الـ CIA والمخابرات البريطانية تعاونتا مع الإخوان لاغتيال جمال عبدالناصر، كما سبق أن تعاونتا مع الإسلاميين لإسقاط آخر رئيس حكومة منتخب في إيران الدكتور محمد مصدق، وإن الـ CIA لعبت دوراً فى ترويج أفكار الجماعات الإسلامية المختلفة. وأوضح مؤلف كتاب “مسجد فى ميونخ”، أن خوف واشنطن من “القاعدة” دفعها إلى التعاون مع كل الجماعات الإسلامية التي لا تحمل السلاح، ومنها جماعة الإخوان، التي أكد أن لها مناصرين في قلب الإدارة الأميركية منذ أيام بوش الابن.
ومن القصص اللافتة التي ذكرها الكاتب أن اثنين من مسلمي الاتحاد السوفيتي الذين تم أسرهم على يد الألمان خلال الحرب العالمية الثانية وتعاونا مع النازي وأخيرا أصبحوا عملاء للاستخبارات المركزية الأميركية، قامت الوكالة بإرسالهما إلى الحج عام 1954 مستهدفين الحجاج السوفييت لنشر الدعاية من خلالهم وإعادة نظرتهم إلى وطنهم الأم، وحين وصلا للكعبة اتهما الحجاج السوفييت بأنهم غير مسلمين لأنهم يعملون في بلاد الإلحاد وحدثت مشادة بينهم عند الحجر الأسود، فقامت الصحف الغربية بتصوير الحادث على أنه انتفاضة عفوية نتيجة اشمئزاز المسلمين من الاتحاد السوفيتي، وكان العنوان الذي تصدر صحيفة نيويورك تايمز ومجلة التايم “اثنان من اللاجئين المسلمين يدسان اصبعهما في عين جالوت السوفييتي”.
ونحن نتساءل – إزاء ما ورد في هذا الكتاب – كم من الأحداث التي نمر بها خلال هذه الفترة الحالية العصيبة مصنوع ومفبرك لنا؟ ما هو حجم العمليات السرية المفبركة في الثورات والاحتجاجات التي حدثت على الأراضي العربية خلال السنوات التي مضت والتي لا تزال تجري بإصرار واضح؟ وإذا كانت علاقة أجهزة الاستخبارات الغربية بالجماعات الاسلامية ومن بينها جماعة الإخوان قد بدأت منذ الحرب العالمية الثانية، فهل انقطعت هذه العلاقة في أيامنا هذه أم تطورت وأخذت أشكالا مختلفة طبقا لرغبة هذه الدول وخططها تجاه المنطقة العربية؟
الذي حدث يصبح كل يوم أكثر وضوحا، فبعد أن فرغت الولايات المتحدة ودول الغرب من قضية الشيوعية التي استخدمت فيها هذه الجماعات والتي أبلت بلاء حسنا في هذا المجال، قد تحولت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي لاستخدام هذه الجماعات ضد الدول العربية والاسلامية سعيا لتفتيت هذه الدول وإعادة رسم خرائطها من جديد.
والخلاصة: يعتبر الكتاب مرجعا مهما لتاريخ العلاقة بين الاستخبارات الغربية والحركات الإسلامية في الغرب وتفرعاتها التنظيمية، كما يشكل مرجعا غاية في الأهمية لعلاقة الحركات الإسلامية بألمانيا النازية، وبدء توغل هذه الحركات في أوروبا، وكذلك النشاطات الاقتصادية لعدد من قادة هذه الحركات وعلاقاتهم مع بعض الحكام العرب.