في ظل هذه الحرب الشعواء التي تشنها آلة الحرب الإسرائيلية المجرمة على غزة، قال الرئيس المعزول محمد مرسي لحراسه وهو في داخل محبسه إنه الوحيد القادر على إجراء المصالحة بين إسرائيل وحماس والولايات المتحدة رضخت له أثناء وجوده في الحكم وأجبرت حكومة نتنياهو على الهدنة، وإنه لا أحد سواه يستطيع حل أزمة غزة وإن السيسي غير قادر على فعل شيء، وإن اميركا لن تستمع لمناشداته وقصف غزة سوف يستمر هذه المرة لمدة طويلة.
كلام مرسي هذا يثبت انه بالفعل هو والإخوان المسلمين، كانوا من اهم أدوات مشروع الشرق الأوسط الكبير وانه أتى إلى الحكم باتفاق أميركي إسرائيلي، ويثبت ان حركة حماس أجرمت في حق القضية الفلسطينية وأضرت بها.
عاشت غزة في هدوء تام خلال العام اليتيم الذي حكمه مرسي، فلا حماس القت بحصاة على إسرائيل، ولا إسرائيل أطلقت صواريخها على غزة!
ومعنى هذا أن مرسي استطاع بالفعل أن يوقف الحرب في غزة وأن يحقن دماء الفلسطينيين، هذا أمر واضح للجميع، ومرسي صادق فيما قال، ولكنه لم يفسر لنا كيف استطاع أن يجعل أميركا ترضخ له، حسب تعبيره وترغم إسرائيل على رفع يدها عن غزة.
هل كانت إسرائيل تخشى من زحف جحافل الإخوان نحو بيت المقدس والقيام بإلقائها في البحر؟ ام كانت الولايات المتحدة تخشى بطش محمد مرسي وجماعته؟ أم أن هناك سرا آخر يتصل ببركات مرسي وتجلياته الربانية مما جعل الأميركيين والاسرائيليين يصبحون كالخاتم في إصبعه؟
القصة واضحة ولا تحتاج إلى تفكير عميق، فحركة حماس التي تنتمي لجماعة الإخوان توقفت على مدار العام الذي حكمه مرسي عن القيام بأي عمل ضد إسرائيل، لكي تساعد على تثبيت مرسي في الحكم وإظهاره بمظهر البطل الذي أجبر إسرائيل وأميركا على الاستماع إليه، ولكي لا تحرجه أمام المصريين والعرب والمسلمين إذا عجز عن مواجهة اعتداءات إسرائيل على غزة وخان مخزون الشعارات الكبير الذي كان يحمله هو وجماعته حول الصهاينة وأبناء القردة والخنازير.
أما إسرائيل فقد تقبلت الوضع وسايرته خلال عام مرسي أيضا لأن مرسي كان الرجل الذي سيحل القضية الفلسطينية بالشكل الذي يفرح قلب شمعون بيريز ويحقق احلامه كاملة، فهو الرجل الوحيد الذي كان سيعطي للغزاويين قطعة من أرض مصر كوطن بديل لغزة بعد ان تقوم إسرائيل بتفريغها من اهلها، وبذلك تحل القضية التي حيرت العالم ويعيش مرسي في “تبات” و”نبات” مع صديقه الحميم شمعون بيريز، فالحدود والجغرافيا والوطن كلمات بلا معنى لدى الإخوان المسلمين.
وبما أن مرسي قد أطيح به من قبل الشعب المصري الذي رفض استهانة مرسي وإخوانه بالوطن والحدود،فلم يعد هناك مجال للمهادنة بين حماس وإسرائيل، فكلاهما حريصان على إحراج الرئيس المصري الجديد وإحراج العرب الذين وقفوا إلى جواره، فعملية حمساوية بسيطة تجرح نملة إسرائيلية وتجعل إسرائيل تصب قنابلها الحقيرة على غزة ليسقط الأطفال والنساء ويتحقق المطلوب، وعلى الشعب الفلسطيني أن يدفع الثمن.
الاخوان المسلمون وحماس أضروا بالقضية الفلسطينية ولم ينفعوها بشيء وهم المسؤولون عن فتور التعاطف الشعبي المصري على وجه الخصوص تجاه القضية.