بعد الخراب الكبير الذي أحدثه تنظيم داعش الإرهابي في بلاد العرب والمسلمين، وبعد آلاف الضحايا الذين سقطوا والسبايا اللاتي أخذهن، وبعد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة ببشاعة لم تعرفها الإنسانية، ولا حتى في “غورنيكا”، وذبح العمال المصريين في ليبيا بشكل لا يقل بشاعة، وغير ذلك من الجرائم التي أساءت للإسلام والمسلمين وجعلت أصحاب اللحى والنقاب لدى العالم الخارجي شيئا بشعا مخيفا، بعد كل هذا فاجأنا التنظيم الإرهابي لأول مرة بأنه سيقوم بتدمير إسرائيل.
فقد هدد التنظيم في شريط مصور باللغة العبرية إسرائيل بالثأر ووعد بإخلاء اليهود من القدس بعد دخولها بمراكب مفخخة لدك حصونهم.
ووجه المتحدث رسالة لأهالي القدس قائلا “نحن لا نملك مقاتلات إف 16 ولا مروحيات أباتشي بغية تفجير الجيش اليهودي في حيفا، يافا وأم رشراش، لكننا نعد بضربهم قريبا”.
وقال شخص آخر في نفس الشريط لـ “اليهود الذين احتلوا البلاد من المسلمين إن الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد. كل ما حصل حتى الآن هو لعبة صبيان مقابل ما سيحدث لكم قريبا إن شاء الله”. وأضاف “افعلوا ما شئتم اليوم حتى نبلغكم وعندها سنجبركم على تسديد لقاء أفعالكم وجرائمكم عشرة أضعاف ونعدكم بألا يبقى يهودي واحد في القدس وكل أنحاء البلاد وسنمضي بمسعانا حتى نكافح ونصفي هذا الداء في كل العالم”.
فما الذي غير الأحوال وجعل داعش تقوم لأول مرة بتهديد إسرائيل؟
هل هذا التحول الذي أصاب التنظيم الارهابي يشبه انقلاب الابن على أبيه أم أنه محاولة لجلب التعاطف من المسلمين بعد أن تعرض التنظيم لحرب حقيقية لأول مرة، وهي الحرب التي تشنها عليه روسيا في سوريا؟
أغلب الظن ان التصورين صحيحان، فالتنظيم يتعرض لضربات قوية في سوريا الآن ولا يجد حماية من أميركا ولا إسرائيل وبالتالي فهو يهددهم بالانقلاب عليهم كما حدث في الحادي عشر من سبتمبر 2001، وفي نفس الوقت يريد تحسين صورته الشيطانية من خلال التمسح بالقضية الفلسطينية التي هي قضية العرب الأولى.
وعلى كل حال فالأيام القادمة ستبين لنا مدى صحة هذه التصورات ومدى مصداقية هذه التهديدات، خصوصا أننا نحن العرب لم نعد نملك شيئا سوى الفرجة والانتظار!.