في الوقت الذي عاد فيه الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية من سوريا منتظرا الرد على مبادرته التي تقدم بها للرئيس بشار الأسد، والتصريحات التي أدلى بها وسببت حالة من الغضب الشعبي والإعلامي، أصدر مجلس التعاون الخليجي بيانا شديد اللهجة تجاه الأوضاع في سوريا وطالب بالوقف الفوري لسفك الدماء هناك.
فما معنى هذا؟ هل هناك موقفان عربيان من الوضع في سوريا؟ وما هي قيمة المبادرة المتأخرة التي تقدمت بها الجامعة إذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي الست اتفقت على هذا البيان القوي الذي أصدره المجلس؟ أم أن تحرك الأمين العام للجامعة العربية هو مجرد تحصيل حاصل وإبراء للذمة فيما يتعلق بالأزمة السورية؟
على أية حال قوبلت تصريحات الدكتور نبيل العربي بعد زيارته لسوريا بانتقادات شديدة وتهكم من قبل الشعب السوري ومن وسائل إعلام مختلفة، خاصة أن الجيش السوري لم يتوقف أثناء او عقب هذه الزيارة عن قتل أبناء شعبه، فهل بيان مجلس التعاون الصادر بهذه اللهجة القوية سوف يكون له ما يتبعه من مواقف أو تحركات اكثر إيجابية لوقف حمامات الدم في سوريا؟ ما نتمناه أن يكون موقف دول مجلس التعاون الخليجي – التي تمثل كتلة كبيرة ومؤثرة في الجامعة العربية – مقدمة لموقف عربي واضح وحاسم تجاه الوضع في سوريا قبل أن يفوت الأوان ويصبح الموقف العربي مجرد كلام وشجب وإدانة كعادة كل المواقف العربية تجاه القضايا الكبيرة.
الشعب السوري يطالب بحماية دولية لوقف نزيف الدم لأنه غير و اثق من موقف عربي يحقق له هذه الحماية، فهل تستطيع الدول العربية أن تثبت له العكس؟
إذا كانت الجامعة العربية مؤسسة ضعيفة بطبعها لأن إرادتها مرهونة بإرادة الدول الأعضاء فيها، وإذا كان العرب غير مستعدين لإرسال قوات عربية لحماية الشعب السوري، وإذا كان الرئيس بشار الأسد يراهن على عدم وجود موقف دولي موحدا تجاهه، استنادا للموقف الروسي المعارض لأي تدخل في سوريا، فلابد من التحرك دوليا لبلورة موقف دولي كذلك الذي تم تبنيه تجاه ليبيا، ولن يتحرك أحد لصنع هذا الموقف ما لم تتحرك الدول العربية.
ويمكن للدول العربية الاستفادة من العودة التركية المتحمسة لصنع هذا الموقف بعد الجولة الناجحة التي قام بها رئيس الوزراء التركي في عدد من الدول العربية وحضوره للاجتماع الوزاري العربي بالجامعة العربية، خاصة وأن الموقف التركي من الأزمة السورية واضح وصريح وداعم للمطالب المشروعة للشعب السوري.
فهل ستتحرك الدول العربية في هذا الاتجاه؟ ام أن محنة الشعب السوري ستطول وسيسقط المزيد من الشهداء؟