ليتهم يجهضون الخراب العربي

ليتهم يجهضون الخراب العربي

لا يزال من العرب من يعيش الوهم، ويشرب من كؤوس الخديعة التي تعرضت لها الأمة العربية خلال السنوات الماضية.
لا يزال بيننا من يستخدم عبارة “الربيع العربي”، وقد وصل الحال بأحدهم أن قال إن العرب قد أجهضوا ثورة الربيع بالأنانية تارة، وافتقاد العقلانية والموضوعية تارة أخرى، وارتباك التطبيق السليم لفقه الحوار والتفاهم أوالتسويات، حسب وصفه.
ولا ندري ما هي علامات الربيع الذي يتحدث عنه هذا الدونكشوتي، ومن هو الذي أجهض هذا الربيع الذي يتحدث عنه.
إذا كان الربيع مازال يجري في ليبيا وفي سوريا وفي اليمن وفي العراق، فما هو إذن الخريف؟ بل ما هو الخراب؟
وإذا كنتم ترون أن ما جرى في دول أخرى مثل مصر من طرد لحكومة الإخوان الإرهابيين هو إجهاض للربيع المزعوم، فأنتم بالفعل تعيشون في غيبوبة؛ لأن ما حدث في مصر هو الذي أعطاها طوق النجاة وأبعدها عن السير في طريق ليبيا واليمن، وليت ليبيا واليمن تجدان جيشا ينجو بهما من الخراب والضياع الذي حل بهما.
مهما كان حجم الظلم الاجتماعي والفساد الحكومي والاستبداد السياسي الذي كان موجودا في الدول التي جرى إسقاط أنظمتها مثل مصر وتونس واليمن وليبيا، فهذا لا يجب أن يحجب عن أعين أصحاب العقول المؤامرة والعبث الذي تعرضت لها أحلام الشعوب العربية من قبل أعداء الأمة القريبين والبعيدين.
لقد أنفقت المليارات من الدولارات؛ من أجل تفجير الأمة من داخلها عن طريق الجماعات الطائفية وجماعات التخلف والبداوة التي تلبس ثوب الإسلام مثل داعش وغيرها من الفيروسات التي أنتجتها معامل أصحاب المؤامرة، وهذه هي النتيجة.
ألا ترون ملايين المهجرين وملايين اليتامى والأرامل والذين لا يجدون الطعام والدواء؟ ألا ترون سيارات النقل التي تنقل أمتعة ضحايا الاقتتال الطائفي اللعين في أركان هذه الأمة؟ ألا ترون النفط الذي يتم نهبه وبيعه بثمن بخس لأعداء الأمة؟
الذي لا يقول إننا في الخليج العربي حاليا أفضل ملايين المرات من غيرنا من الشعوب التي أصابها الربيع الأسود، فهو إما جاهل أو خائن ليس له ولاء لوطنه.
كل شيء يضيع في ليبيا وفي اليمن وفي العراق، فلماذا لا نقف جميعا في وجه فلول المؤامرة ونضع وطننا وبقائه سالما بين أعيننا ونقف في وجه الحالمين بالسلطة والدونكشوتيين الذي يريدون أن يصنعوا لنا ثيابا ليست على مقاسنا ويأخذونا بالتدريج إلى الخراب الذي غرق فيه غيرنا؟
أفيقوا أيها الناس، فقلب الأمة (مصر) ولله الحمد لا يزال سليما، وآل سعود ولله الحمد لا يزالون صامدون في وجه المؤامرة، وبالتالي فنجاة الأمة لا تزال ممكنة رغم ضراوة وخبث الحرب التي تتعرض لها.
ما تعرضت لها الأمة العربية لم يكن ربيعا، ولكنه كان ولا يزال استخداما خبيثا لأحلام الشعوب؛ من أجل تفجيرها، ثم تفتيتها من الداخل.