نسبت الصحف إلى مصادر سيادية مصرية قبل أيام قولها إنها كشفت شبكة تجسس إيرانية تعمل في مصر وتعتمد على شخصيات شيعية مصرية تقوم بتجنيد صحافيين مصريين وإغرائهم بالمال لكتابة تقارير عن كل شؤون مصر وأجهزة الدولة المختلفة ورفعها إلى إيران بحجة أنها تقارير صحافية واستطلاعات رأي، إلى جانب كتابة أخبار يومية عن وجود شيعة في مصر ونشرها على المواقع الالكترونية.
فما الذي تريده إيران من مصر بالضبط؟
الذي تريده إيران من مصر هو تماما الذي تريده من البحرين والسعودية والكويت، ومن قبلها العراق واليمن، فهي تستخدم ورقة الشيعة في شق صفوف الدول العربية المختلفة لتنفيذ مشروعها الذي لم تتخل عنه رغم ما قيل ويقال عن تخليها عن مسألة تصدير الثورة.
هي تخلت عن تصدير الثورة ولكنها لم تتخل عن استخدام ورقة الشيعة في هز استقرار الدول العربية والتدخل في شؤونها الداخلية.
الفرق بين ما تقوم به إيران في مصر وما تقوم به في الدول العربية الأخرى، هو أن الشيعة موجودون بالفعل ولهم تعداد ونشاط واضح في هذه الدول، ولكنهم غير موجودين بوضوح في مصر، فهم في مصر مجرد تجمعات سرية وأنشطة غير معلنة، وبناء عليه فدورهم السياسي شبه معدوم حتى الآن، وهو ما يجعل إيران تستخدم تكنيكا مختلفا تجاه مصر.
هي في البحرين والعراق والسعودية واليمن تصب الزيت على النار بشكل مباشر وتستخدم عملاءها استخداما مباشرا وواضحا وتدير المظاهرات وتحرك الشخوص بخيوط تماما مثل مسرح العرائس.
أما في مصر فهي تحتاج أولا لأن تجعل الوجود الشيعي وجودا واضحا وأمرا واقعا لا جدال فيه، وهي من اجل ذلك تقوم بسياسات متوازية في نفس التوقيت، حيث تقوم باستغلال حب المصريين لآل البيت وتستغل حاجة الفقراء إلى المال وتقدم المساعدات لهؤلاء الفقراء في مناسبات معينة مثل “مولد الحسين أو السيدة زينب” تمهيدا لتشييع هؤلاء والسيطرة عليهم عن طريق بعض الشيعة المصريين المثقفين.
وفي نفس الوقت تقوم بطرح قضية الشيعة على المواقع الالكترونية عن طريق الصحافيين المذكورين وغيرهم من العملاء وتلح في ذلك حتى يؤدي التكرار الكثير لهذه القضية إلى تحويلها في النهاية إلى قضية مسلم بها، وبذلك تضع أول قدم لها في مصر ثم تقوم بعد ذلك بالاستخدام السياسي لهذا الوجود وتحويله إلى وسيلة ضغط ووجع دائم كما هو الحال في بقية الدول العربية، وهو أمر لن تنجح فيه إيران لأسباب كثيرة رغم انفاقها الملايين من أجله.
نحن لا نريد الإساءة إلى إخواننا من أبناء المذهب الشيعي ولكننا ننتقد استخدام إيران التاريخي لورقة الشيعة وإساءتها لهم عن عمد تحقيقا لأهدافها التوسعية.
ولا نبالغ إذا قلنا إن إيران تتعمد بالفعل الاساءة إلى الشيعة وتسعد عندما يقوم أحد بتخوينهم والتشكيك في وطنيتهم لأن هذا هو كل ما تريد تحقيقه وتضمن به أن يظل أبناء المذهب الشيعي، أو على الأقل السياسيون منهم، منبوذين حتى يرتمون في أحضانها.