“الكبت يولد الانفجار”، حكمة معروفة، “والجوع كافر”، حكمة معروفة أيضا، وهذا هو السبب الذي فجر الغضب في مصر وتونس، فما الذي فجر الغضب في البحرين؟
انتخابات مجلس الشعب المصرية الأخيرة تم تزويرها بشكل بشع وتم إقصاء جميع المعارضين البارزين من أمثال مصطفى بكري وحمدين صباحي وأميرة كامل، وغيرهم كثيرون ممن يملكون رصيدا شعبيا كبيرا، فهل هذا الأمر يحدث في البحرين؟
جماعة الإخوان المسلمين ذات القواعد الشعبية في مصر كانت ممنوعة من العمل السياسي وتم التضييق على أعضائها واعتقالهم منذ خمسين عاما، رغم أنها حركة مصرية النشأة، فهل حدث هذا مع حركة الإخوان في البحرين؟ أحزاب المعارضة في غالبية دول الوطن العربي لا يزيد تمثيلها في البرلمان عن خمسة بالمئة، فهل حدث هذا مع جمعية الوفاق البحرينية المعارضة التي لم تحترم أصول العملية الديمقراطية، معلقة عضويتها في البرلمان على أثر الاضطرابات التي وقعت في البحرين مؤخرا، ألم تحقق الجماعة ما أرادته وتوقعته خلال انتخابات برلمانية في عامي 2006 و2010؟
هل اعتقلت امرأة بحرينية بسبب مقال نشرته على مدونة مثل السورية “طل الملوحي”؟ ألم تصل الصحافة البحرينية إلى درجة ممتازة من الحرية قياسا بتاريخها وبمثيلاتها في دول عربية أخرى؟ألم ينحز جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء في مواقف كثيرة لصالح حرية الصحافة؟
هل يعرف أبناء وطني أن المرتبات التي يتقاضاها ملايين من الموظفين في مصر بالكاد تبلغ ثلاثمئة جنيه (عشرين دينارا بحرينيا) رغم أن الأسعار عالمية، فالمصريون والتونسيون يأكلون من نفس الأرز الذي يأكل منه البحرينيون، ويصنعون خبزهم من نفس الدقيق الذي يصنعون منه خبزهم، ولذلك فالفرق بين دخل الفرد وبين الأسعار العالمية للمواد الغذائية فرق شاسع جدا. هل يعلم أحد أن نسبة الـ 15 بالمئة التي ستضيفها الحكومة المصرية لرواتب الموظفين بعد ثورة الشعب كم ستبلغ عند قطاع كبير جدا من الموظفين..؟ هذه الزيادة ستكون بما يعادل دينارين بحرينيين!!! ولا يقل لي أحد أن الأسعار في مصر أرخص منها في البحرين. فالأسعار حاليا عالمية.
هل ندرك أن الألف دينار التي قرر جلالة الملك المفدى صرفها لكل أسرة بحرينية تعادل خمسة عشر ألف جنيه مصري، وأنها تعادل مرتب ثلاثة موظفين مصريين لمدة عام، أو تعادل راتب موظف مصري لمدة ثلاثة أعوام؟
أنا لا أقول أننا يجب أن نكون كالمصريين في رواتبهم، ولكنني أردت أن أوضح لماذا قامت الثورة هناك، ولأبين أن الاحتجاج على الحكومات ليس موضة أو تسريحة شعر لابد أن نستورها من غيرنا.
لا أقول مطلقا أننا نعيش في اليوتوبيا، وأن البحرين قد بلغت الكمال، فليس هناك كمال مطلق في عالم السياسة، والحكم والعدل الاجتماعي، ولكن حسب البحرين فخرا أنها بدأت إصلاحاتها مبكرا ودون ضغط من أحد، وكانت البداية من قبل أعلى سلطة فيها ومن قبل الدعوات الغربية الساعية لنشر الديمقراطية. حسب البحرين أن عجلة الإصلاح لم تتوقف أو تتباطأ، فلماذا نحاول إيقافها أو إبطاءها بين حين وآخر؟
هناك بحرينيون فقراء، كما أن هناك أمريكيين فقراء، والفرق الوحيد بين دولة وأخرى يكون في كيفية التعامل مع هؤلاء الفقراء.
نحن لا نكتب مسكنات أو تبريرات، ولكننا لابد أن نكون أمناء في وصفنا لأوضاعنا وأوضاع غيرنا من الدول، ولابد أن نكون رحماء ببلدنا، ولابد أن نرضى بنعمة الله علينا.