الذين يطالبون بحل ما يسمى بالمجلس العلمائي وقعوا في خطأ لغوي وقانوني، لأنهم يطالبون بحل كيان ليس له وجود من الأصل، سوى في رؤوس من يعتبرون أنفسهم أعضاء فيه ومن يدورون في فلكهم من الأتباع الذين دأبوا على التصرف وكأنهم ينتمون إلى دولة داخل الدولة.
أما الدولة البحرينية فعلى حد علمي لم توافق ولم تعترف بأي كيان يقوم بتشكيل نفسه بعيدا عن قوانينها وبعيدا عن وسائل المحاسبة التي تطال كل المؤسسات والجمعيات الشرعية عند مخالفة النظم والقوانين والإضرار بالمصلحة العامة.
وإذا كان هناك من اعتبر سكوت الدولة على قيام البعض باستخدام هذا الاسم (أي المجلس العلمائي) إعلاميا نوعا من الاعتراف بالأمر الواقع وأن هذا المجلس أصبح قائما بالتقادم أو بوضع اليد من قبل علماء طائفة بعينها، فهو مخطئ بلا أدنى شك، لأن هذا يعتبر مجلسا طائفيا، وكل كيان طائفي هو كيان هدمي تفكيكي، إن صح هذا التعبير، ولا توجد دولة على ظهر البسيطة توافق على قيام كيان يؤدي إلى ترسيخ الانقسام والطائفية.
وطالما أن هذا الكيان هو والعدم سواء، فإن كل ما يصدر عنه من بيانات أو أنشطة أو إبداء للرأي في أي قضية عامة هو شيء بلا قيمة ولا يجوز لأحد أن يعتد به كوثيقة أو مرجعية في أي شيء.
كما أنه من غير المقبول أن تتعامل وسائل الإعلام مع هذا المجلس الوهمي على أنه كيان مسلم به لأن في هذا إقرار بوجوده وعدم احترام لقوانين ونظم الدولة.
هل سبق وتقدم أحد إلى الجهات المسؤولة يطلب تكوين مجلس بهذا الاسم؟ وإذا كان قد فعل، فهل استوفى الشروط المطلوب توافرها لكي يصبح كيانا شرعيا له أنشطة محددة بحكم القانون؟ وهل لدى القائمين على ذلك المجلس استعداد للقبول بشروط الرقابة الحكومية على أنشطته ومصادر تمويله وأوجه إنفاقه؟
لا أعتقد أن شيء من ذلك قد حدث أو سوف يحدث في المستقبل، لأن الغرض الأصلي من مثل هذا الكيان هو مناكفة الدولة ورفض مؤسساتها الدينية الشرعية وتحديها والإعلان عن وجود خلاف واختلاف وصراع.
ولذلك فنحن لا نطالب بحل ما يسمى بالمجلس العلمائي ولكننا نطالب بمعاقبة من يتعامل معه على أنه جهة ذات صفة في أي شيء، ونطالب بمعاقبة من يتدخلون في الشأن السياسي أو أي شأن عام باعتبارهم أعضاء في هذا الكيان، لأن هذه التصرفات تثير البلبلة وتؤدي إلى الفتنة.
فليس من حق كيان غير شرعي أن يتحدى الدولة بأكملها ويصدر بياناً يرفض فيه بشدة أية سلطة لوزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف على الأئمة والخطباء وأنه ليس من حقها تنصيب أئمة المساجد والخطباء أو عزلهم أو توقيفهم?، ناهيك عن التحريض العلني وتحدي الدولة الذي يمارسه من يعتبرون أنفسهم أعضاء فيه.
وليس من المعقول أن تقوم وسائل بترديد اسم هذا الكيان غير الشرعي لأن هذا أيضا يثير البلبلة ويقر بأن هذا الكيان فوق الدولة وقوانينها وهو أمر خطير بما ينطوي عليه من تجاوز للدولة ومؤسساتها وإقرار واضح بأن السيادة للولي الفقيه وليس للدولة التي يوجد هذا الكيان على أرضها.