لابد أن يعتمد أهل الخليج على أنفسهم

لابد أن يعتمد أهل الخليج على أنفسهم

الذين يشعرون بالقلق من تغير سياسات الولايات المتحدة في المنطقة، خصوصا بعد عقد الاتفاق بين إيران وبين دول 5+1 ويخشون أن تتخلى عن دورها في حماية الخليج يجب أن يكونوا واقعيين في تفكيرهم وفي نظرتهم للأمور ولابد ان يستفيدوا من دروس التاريخ، فالولايات المتحدة إن لم تتخل اليوم فسوف تتخلى غدا،وإن لم نستعد ونعمل على حماية أنفسنا بسبل أخرى ونطبق المثل القائل “ما حك جلدك مثل ظفرك”، فسوف يأتي الانهيار الكبير.
مجلة فورين بولسي الأميركية تحدثت بكل صراحة قبل لقاء الرئيس أوباما بقادة دول مجلس التعاون الخليجي الست، واعتبرت أن عدم حضور 4 من القادة الخليجيين لهذا اللقاء، وإيفادهم من ينوب عنهم، رسالة للولايات المتحدة، وقالت الصحيفة ان عدم حضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والقادة الخليجيين يعبر عن رفضهم لسياسات الولايات المتحدة في المنطقة، وطالبت الفورين بولسي بأن ترد الولايات المتحدة بشكل خشن على القادة الخليجيين، قائلة بالحرف الواحد إن الولايات المتحدة ليست ملزمة بأمن الخليج، فهي تتعامل مع واقع المنطقة وفقا لما يناسب مصالحها، وإن دول مجلس التعاون الخليجي ليسوا حلفاء رئيسيين للولايات المتحدة.
ورغم ما أعلن عقب لقاء الرئيس أوباما بالمبعوثين الخليجيين في جنيف من أن الولايات المتحدة ستعمل مع دول الخليج من أجل حماية أمنها وأنها في أحوال معينة يمكن أن تستخدم القوة العسكرية لحمايتها من أي عدوان، ورغم ما أذيع حول وجود ضمانات تمكن الولايات من متابعة سلوك إيران بشكل دوري فيما يتعلق ببرنامجها النووي، إلا أن هذا كله لا يجب أن يؤخذ على محمل الجد من قبل دول الخليج، لأن هذا الكلام لا يضمن لنا أهل الخليج أي شيء في المستقبل، فالولايات المتحدة قالت كلاما، ولكن ما الذي يضمن تنفيذ هذا الكلام عندما يتعلق الأمر بمصلحتنا نحن وحدنا دون أن يكون هناك ارتباط ومصلحة مشتركة مع الولايات المتحدة.
من الذي يعرف ما سوف تؤول إليه الأمور والتوازنات في العالم وفي المنطقة في المستقبل؟ ولو افترضنا أن مصلحة الولايات في هذه اللحظة تجعلها صادقة فيما تقول، فهل ستبقى مصلحتها مرتبطة بحماية أمننا في المستقبل؟
ولنا أن نعود مرة أخرى إلى تقرير الفورين بولسي الذي جاء فيه أيضا: “العلاقة بين أميركا ودول مجلس التعاون قائمة على الحفاظ على توازن أسعار سوق الطاقة، بسبب ما تمتلكه تلك الدول من ثروة بترولية، في حين تقوم أميركا بحماية الأمن القومي لتلك الدول وحاليا تتواجد مصادر متنوعة للطاقة ما يجعل الولايات المتحدة غير معنية بشكل كبير بالطاقة البترولية في دول الخليج، كما أن اعتماد تلك الدول على الحماية الأميركية ورثها الكثير من المشاكل فيما يتعلق بأمنها”.
وطالب التقرير بضرورة دفع دول الخليج للاعتماد على نفسها. فماذا بقي لنا بعد كل هذا؟
لابد إذا أن نعتمد على أنفسنا، مهما كانت درجة الصدق أو الكذب في كلام ووعود الآخرين قبل أن نتحول إلى كعكة يتقاسمها الأقوياء من حولنا.