كلمة معالي وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله أمام مجلس النواب كشفت أمورا غاية في الخطورة،وأوضحت أن البحرين كانت على حافة الهاوية، وأن مؤامرة حيكت بدقة للوصول إلى هدف من اثنين، فإما أن يتم الرضوخ لجميع مطالب فريق معين، وإما أن يسقطوا البلاد في الفوضى.
لم يعد هناك من شك بعد كلمة الوزير، في أن المؤامرة لم تكن وليدة اللحظة، ولكنها دبرت ورصد لها التمويل اللازم، وتم تدريب قيادات معينة خارج البلاد على قيادة خلايا معينة يتم إعدادها للتحرك عندما تأتي الإشارة من بعيد، وجاءت هذه الإشارة في وقت مناسب تماما للتحرك، فالعالم منشغل بأحداث عربية أخرى،والإعلام يمارس خلط الأوراق، وبقية الدول العربية لديها ما يكفيها، وبالتالي لم يكن من المتصور أبدا أن يتركوا هذه الفرصة الثمينة تمر دون أن يتحركوا.
بصمات ما يسمى بحزب الله اللبناني وأسلوبه في الضغط والتهييج وتوزيع الأدوار كانت أمورا واضحة وضوح الشمس، فهناك التحرك الميداني المتزامن مع التأييد من قبل المنابر الدينية ومع تحرك إعلامي واضح استعد له اصحابه مسبقا.
تم احتلال مستشفى السلمانية واتخاذه كمركز قيادة وتوجيه، وتم توجيه ضربة موجعة للاقتصاد الوطني عن طريق أتباعهم في شركة بابكو، وقام فريق بتولي عملية ترويع المواطنين لكي يفقدوا ثقتهم في قدرة الدولة على حمايتهم، إلى جانب الجوقة الإعلامية والمنابر الدينية للتشويه في الخارج والتسخين في الداخل.
أما التأييد الخارجي (المعلن) من قبل زعيم حزب (الله) ومن قبل إيران فلا يظهر في المراحل الأولى للتحرك، ولكنه يأتي متأخرا، خاصة إذا ما فشلت الخطة، حيث تنطلق حملات التلطيخ في القنوات التابعة لهم من اجل تحقيق نوع من النصر البديل عن طريق تشويه الخصم باستخدام الدعاية السوداء ورسم صورة سيئة له في الخارج، وتحويل عملاء حزب الله والشريحة التي تم قيادتها من قبلهم إلى ضحايا، وممارسة اللطم والعويل لأطول فترة من الزمن، وقد يستمر العويل حتى تأتي موقعة جديدة، مع الاحتفاظ بذكرى الموقعة السابقة التي تكون قد تحولت بفعل التضخيم والتكرار إلى (هولوكوست) يستخدم في شحن عواطف الشباب لكي يتم قيادتهم في المرات القادمة.
وسمعنا وقرأنا كيف تم استخدام مفردات مثل “مذبحة” ومصطلحات مثل “التطهير العرقي” لوصف سقوط عدد من الأفراد يعدون على أصابع اليد الواحدة خلال التعامل الأمني مع المحتجين والمخربين.
ومع احترامي لذكرى هؤلاء الذين سقطوا، ومع تقديري لمشاعر ذويهم، ومع رفضي للخروج على القانون من أي طرف، إلا أنه عدد يمكن أن يسقط خلال تزاحم جماهيري في إحدى مباريات كرة القدم أو خلال حادث سيارة واحدة، ولا يجوز أبدا أن يتم استخدام كلمة مذبحة أو مصطلح “تطهير عرقي” لوصف ما جرى لهم، وعندما يقوم الشيخ “نصر الله” صاحب المكانة الكبيرة لدى عدد لا بأس به، باستخدام هذه المفردات والحديث عن معارك الهوتو والتوتسي في البحرين، فهو يمارس نوعا من الدعاية السوداء ضد دولة ذات سيادة ويستخدم مكانته لدى أتباعه في التحريض على الحكم الشرعي فيها.
ما قامت به أجهزة الأمن البحرينية خلال الأزمة الماضية لا يعرف قيمته إلا الذين عانوا من الفوضى والانفلات الأمني وسيادة البلطجية والزعران، فالأمن نعمة من نعم الله على خلقه، والذين حاولوا تشويه صورة رجال الأمن والنيل من هيبتهم هم المستفيدون من نشر الفوضى والخراب.