منذ سنوات طويلة وشعوب مجلس التعاون تحلم بالاتحاد الخليجي الذي سيحقق لها الأمن والثقة في المستقبل ويخلصها من الاعتماد على هذه القوة أو تلك في تحقيق أمنها واستقرارها والتمتع بسيادتها كاملة غير منقوصة، فهل آن الأوان لاتخاذ خطوة كبيرة على طريق هذا الاتحاد المنشود؟ هل ستقدم قمة الكويت جديدا في هذا الاتجاه؟
هل عوامل الخطر المحدق بنا والتي أصبحت أكثر وضوحا للشعوب والحكومات على حد سواء سوف تدفع القادة إلى الإسراع بإنجاز هذا الاتحاد،أم أن الدراسة والتأني لا يزالان جاريان حتى الآن، وأن ما يعلمه القادة من عقبات ومخاوف تجعل رومانسية الشعوب وتطلعاتها أمرا بعيد المنال في ظل الظروف العالمية الحالية؟
الكبير والصغير يتحدث عن العهد الجديد الذي بدأ بين الغرب وبين إيران، ويقول إن المعلوم عن هذا العهد أقل بكثير جدا من السري الذي أحيك في الخفاء، وإن مستقبل الخليج سوف يتقرر طبقا لتوازنات المصالح بين إيران وبين الغرب.
فإلى أي مدى تتفق مشاعر ومخاوف القادة الخليجيين مع المخاوف الشعبية حول مستقبل الخليج العربي؟
عندما أعلن وزير الخارجية العماني بكل صراحة أن سلطنة عمان لا توافق على الاتحاد الخليجي ولن تنضم إليه أصيب الكثير من الناس بحالة من الصدمة واليأس من فكرة الاتحاد، وردد البعض أن فكرة الوحدة بين العرب عموما وليس عرب الخليج وحدهم هي فكرة رومانسية غير قابلة للتحقق على أرض الواقع، وأن العلاقات العربية العربية على مر التاريخ يغلب عليها الصراع والتنافر أكثر من التقارب والاتحاد، وأنه حتى الجامعة العربية التي هي منظمة إقليمية تضم العرب فقط، قد غلبت على أنشطتها منذ نشأتها تلك الطبيعة الصراعية، وأن هذه الجامعة أنشئت بفكرة بريطانية يعلم أصحابها عن العرب أنهم لا يتفقون أبدا، وأن الجامعة ستكون أداة لتقسيمهم وليس لتوحيدهم!
كل هذا يقال، الآن الشعور بالقلق والتوتر يسيطر على عقول ومشاعر أبناء الخليج الذين يشعرون أن ثرواتهم لم تحقق لهم الأمن والأمان، وأن بحبوحة العيش التي يعيشون في ظلها منذ تفجر النفط في أراضيهم قد تزول هي الأخرى بين عشية وضحاها، وأن الدول التي يعيشون فيها قد أصبحت الآن مثل الريشة في مهب الريح.
ولكن الكثيرين يرون أن الأمل موجود، وأن غياب دولة لسبب أو لآخر لن يؤثر على قيام الوحدة الخليجية إن صدقت إرادة القادة الخليجيين.
إن قادة اليوم في دول الخليج العربي يتحملون مسؤولية لم يتحملها أحد قبلهم، وإن مصير الخليج العربي أمانة في رقابهم، خصوصا أن لديهم من أسباب القوة اليوم ما يكفي لاتخاذ خطوات يحترمها العالم، وأن اليوم قد يكون أفضل بكثير من الغد إن استطاعوا أن يتخذوا خطوات يكسرون بها مربع السياسة الخليجية الذي لابد أن يكسر الآن وإلا فالتاريخ لن يرحم أحدا.