قرار تاريخي لخادم الحرمين الشريفين

قرار تاريخي لخادم الحرمين الشريفين

القرار الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعيين ثلاثين امرأة سعودية في مجلس الشورى الذي جعل تمثيل المرأة بالمجلس عشرين بالمائة من المقاعد هو قرار تاريخي بالفعل ويستحق الاهتمام الواسع الذي أفردته له وسائل الإعلام العالمية المختلفة.
هذا القرار هو الأكثر أهمية كما وصفته الفايننشال تايمز،ليس فقط بالنسبة للمرأة السعودية كما قالت الصحيفة،ولكنه في تقديري الشخصي هو الأكثر أهمية بالنسبة للمرأة العربية.
المرأة حققت نجاحات لا تقاس في البحرين بفضل رعاية جلالة الملك حمد بن عيسى وباجتهاد سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم وتبوأت المناصب القيادية محليا ودوليا ونالت المقاعد النيابية والبلدية،والمرأة في مصر حققت الكثير والكثير(رغم التراجع الذي حدث بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير)،والمرأة الكويتية هي الأخرى نالت خلال السنوات الأخيرة حقوقا واسعة أصبحت محط اهتمام العالم،ولكن يبقى الانجاز السعودي الذي تحقق بفضل خادم الحرمين الشريفين حدثا كبيرا في تاريخ المرأة العربية.
لا نقول ذلك من باب المجاملة والنفاق،ولكننا ننظر إلى هذا القرار من زاوية الرمزية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية والمكانة الدينية والروحية التي تجعلها سندا ودليلا لسلوكيات وقرارات وممارسات كثيرة لأبناء الأمتين العربية والإسلامية،ولطالما استخدم المتدينون من الرجال والنساء نموذج المرأة السعودية في سلوكها وملبسها كنموذج يجب محاكاته لكونه مرتبط بالأراضي المقدسة.
فقرار خادم الحرمين الشريفين بتعيين ثلاثين امرأة مرة واحدة في مؤسسة سعودية هامة هي مجلس الشوري لا يعد فقط نظرة تقدير من جلالته للمرأة السعودية وإنجازاتها العلمية والعملية التي عرفها الجميع من خلال السيرة الذاتية للنساء التي تم تعينهن،ولكنه بمثابة فتح عظيم للمرأة المسلمة بشكل عام ،لأنه سوف يستخدم كمرجع وحجة على الذكوريين الذين يحولون دون تقدم المرأة باسم الدين والعادات والتقاليد ويستندون في ذلك بدرجة ما لعدم تبوء المرأة السعودية المناصب العامة.
وإنني كامرأة عربية أشعر بتفاؤل كبير لمستقبل المرأة السعودية لأني قرأت قرار خادم الحرمين الشريفين بطريقة مختلفة،فقرار تعيين ثلاثين امرأة مرة واحدة لا يعد ذرا للرماد في العيون أو محاولة للتجمل الإعلامي،ولكنه حتما سيكون له ما بعده من دعم للمرأة السعودية من قبل جلالته،خاصة في ظل ما علمناه من نبوغ للسعوديات في مجالات عديدة ،وسوف يعطي هذا القرار للمرأة السعودية فرصة جيدة للتعبير عن ذاتها وقدراتها وجدارتها بما هو أفضل من خلال هذا المنبر الهام،ليس فقط أمام خادم الحرمين الشريفين وأمام أولي الأمر في المملكة،ولكن أمام المجتمع السعودي ككل،لأن هذا المجتمع بثقافته المحافظة سيكون في حاجة لأن يقتنع أكثر وأكثر بدور المرأة وقدرتها وبالتالي يتقبل التغيير التدريجي على النحو الذي تفضل بتدشينه جلالة الملك عبد الله.
فهنيئا للمرأة السعودية هذه النظرة الكريمة التي أولاها إياها خادم الحرمين الشريفين والتي ستكون بمثابة نقطة انطلاق جديدة للمرأة العربية والمسلمة لما لخادم الحرمين من مكانة ورمزية لدى الأمة.