لا أدري على أي أساس أو على أي شرعية يضع الشيخ عيسى قاسم نفسه هو وأتباعه في كفة ويضع البحرين كلها في كفة ويطلب كل هذه المطالب دفعة واحدة؟ من الذي اعطاه توكيل لكي يتحدث باسم البحرين كلها؟
الشيخ يعيش في وهم لا يريد أن يستفيق منه، على الرغم من أن المخطط قد فشل والمؤامرة راحت أدراج الرياح؟
لماذا لا يقبل كرجل دين بالإصلاح التدريجي الذي يجنب البلاد أي اضطرابات أو تناحر طائفي؟ وما الذي يدريه أن هذه التغييرات التي يطالب بها ستحقق حلم الطائفة التي يتحدث باسمها، ويستورد الخطط ووسائل الضغط من أجلها.
الشيخ عيسى قاسم وأتباعه من جمعية الوفاق وفي مقدمتهم الشيخ على سلمان يعتقدون أنهم يتحدثون باسم الأغلبية من أبناء الشعب وهذا هو الوهم الذي يعيشون فيه ويحركون الأحداث بناء عليه، ويعتقدون أن التغييرات التي يطالبون بها ستؤدي إلى تحقيق حلم هذه الأغلبية التي يعتقدون بوجودها في السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد على حساب بقية أبناء البحرين على اعتبار أن الأغلبية تحكم.
هذا الوهم الذي يعيش فيه هؤلاء هو الذي جعلهم يرفضون ما سواهم ويكذبون على أنفسهم وعلى الناس ويحاولون تشويه أكبر وأخلص تجمع في تاريخ البحرين وهو تجمع الوحدة الوطنية ويتهمونه بأنه صنيعة الحكومة معتقدين أن هذا الوصف يكفي لتسفيه هذا التجمع ويسحب البساط من تحته ويجعل صوته العالي بلا فائدة وبلا شرعية.
وسواء كان هذا التجمع صنيعة الحكومة أو صنيعة غيرها، فإن المنضوين تحته هم من أبناء البحرين وليسوا من أبناء كوكب المريخ، ولهم أيضا مطالب تتعارض إلى حد بعيد مع مطالب عيسى قاسم وأتباعه، ولهم رؤية لمستقبل البلد الذي يعيشون على أرضه، ولهم أغلبية تعطيهم الحق في فرض هذه الرؤية.
فعلى أي أساس إذن تذعن الحكومة البحرينية لمطالب الشيخ قاسم وتقوم بتغييرات سياسية جذرية دفعة واحدة، وهي تعلم أن هذه التغييرات بشكلها الحالي لا تنال رضا جميع أبناء البحرين ولا تنال رضا الأغلبية من بينهم،وقد تؤدي إلى اضطرابات أمنية بسبب رفض الجانب الأخر لها؟
الشيخ عيسى قاسم وحزبه يحلمون بدولة تقوم على أساس ولاية الفقيه في البحرين تكون تابعة لإيران في كل شيء، وتجمع الوحدة الوطنية وغيره لا يريدون ذلك، فلماذا تكون الغلبة هنا لعيسى قاسم ورجاله؟
إذا كان الشيخ يعتقد أن ما حدث في الدوار يعطي شرعية لمطالبه في ظل الحالة العربية الحالية، فهناك أيضا ميدان الفاتح يعطي شرعية أخرى لمطالب أصحابه، وهم الذين يرفضون خطط الشيخ وتصوراته لمستقبل البحرين،وليس الحكومة، وليس آل خليفة.
لا بد للشيخ قاسم أن يقلع عن حلم القفز على السلطة في البحرين استنادًا لتمرد وعنف بعض أبناء البحرين، ولابد أن يتبنى منهج التغيير التدريجي الموجود أصلا في البرنامج الإصلاحي لجلالة الملك، فهذا هو الشكل الوحيد الذي يضمن مستقبل البحرين ويضمن عدم الدخول في اضطرابات واحتراب داخلي يضيع كل شيء، وقد يكون الشيخ أول ضحاياه.