نعيش اليوم في ذكرى عزيزة على نفوس كل الوطنيين العاشقين لوطنهم، المتمسكين بأرضهم وعلمهم ووحدتهم، ألا وهي ذكرى الميثاق الذي انطلق قبل أربعة عشر عاما ليكون نقطة انطلاق وطنية نحو تحقيق التلاحم والنهوض بالوطن ونبذ الصراعات والعداوات، فهل يمكن أن نتخذ من ذكرى الميثاق انطلاقة جديدة؟
الحمد لله مازلنا هنا على هذه الأرض ومازلنا وطنا موحدا رغم خطورة ما مرت به المنطقة بأجمعها ومازالت تمر به من قصف في غاية القسوة والضراوة من أجل القضاء عليها وتفتيتها.
صحيح ان أحداثا وقعت غيرت النفوس إلى الأسوأ وعمقت التنافر وأدت إلى التخوين، ولكن لا شيء مستحيل، خصوصا عند الشعور بالخطر الذي يتهدد الجميع ويجعل المستقبل كالريشة في مهب الريح.
نحن مازلنا دولة ومازلنا في أمن وأمان، فلماذا لا نتأمل في أحوال الدول التي تحاول أن تعود فلا تستطيع، بعد أن تغلغل سرطان الطائفية والجهوية والعرقية بين أبنائها، ولماذا لا نحاول أن نكتب لأنفسنا تاريخا مختلفا؟
لماذا لا نشذ عن حالة التنويم المغناطيسي الذي أصاب الأمة وجعلها تمضي نحو مصير محتوم دون أن تقاوم؟
كل يوم تأتينا حقائق جديدة ويفاجئنا العابثون بمصير أمتنا بأشياء تصدمنا وتجعلنا نشعر أننا لا نشغل في الجملة دوما سوى موقع المفعول به، فبعد أن خربوا العراق، قالوا لنا بعد خرابها إنهم لم يكونوا على حق، وبعد أن أنفقوا المليارات ودربوا الشباب على تنفيذ هوجة الربيع العربي كما أسموه، عادوا الآن ليقولوا إن أوباما أخطأ في سياسته تجاه مع حدث في مصر وفي غيرها خلال هذه الهوجة.
والذين سيبقون منا على قيد الحياة خلال العقد أو العقدين القادمين سيعرفون كل عجيب عن هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها الآن، فعندما يتم الإفراج عن الملفات التي لا يمكن الإفراج عنها الآن، سنعرف كم من المليارات أنفق لإشعال نار الطائفية في العالم العربي ولكي يتغير الصراع العربي الإسرئيلي إلى صراع سني شيعي، وتموت القضية الفلسطينية، وربما بعد كل هذا تجد الصراع بين فتح وحماس لا يزال مشتعلا وربما أكثر مما هو عليه الآن!
ألم تروا أن الذين ضربوا بالأحذية تمثال صدام حسين بالأمس يقولون الآن أين نار صدام واستبداد صدام، ولا جنة الطائفيين، الذين جاءوا بعده مبشرين بشعارات كاذبة؟
من لديه الفرصة لكي ينجو من هذه المحرقة لابد أن يتشبث بها ولابد أن يقف ويفكر قليلا فيما حوله من أوضاع حتى لا نندم يوم لا ينفع الندم.
في ذكرى الميثاق لابد أن نعرف أن نجاتنا في وحدتنا وبقاءنا في تلاحمنا.