العالم كله يئن من الأزمة المالية العالمية، والعمال والموظفون المصريون يطالبون بتصحيح أوضاعهم، والشركات تطرد العمالة بسبب الأزمة، ومصر تحديداً تخشى من عودة العمالة المصرية بالخليج، واستمعنا للرئيس حسني مبارك وهو يقول للعمال المصريين يوم عيدهم: أنا أقاتل لكي يتم تدبير أموال تفي بالعلاوة السنوية التي تمنح لكم، ولا تقلقوا، فأنا أنوب عنكم في مطالبة الحكومة بتدبير أموال للعلاوة.
عندما سمعت هذه الكلمة من الرئيس مبارك، تذكرت على الفور الزواج الأسطوري لأحد رجال الأعمال المصريين بالمطربة هيفاء وهبي والمليارات التي أنفقت على حفل الزواج وحده، التي رفضتُ الإفصاح عن حجمها هنا صراحةً حتى لا يصاب القارئ بالذهول، حفل زواج واحد يكلف مبلغا يستطيع حل أزمة ملايين العمال المصريين في ظل الآثار السيئة التي تسببها الأزمة العالمية. وكأن هذا الملياردير يعيش في جزيرة منعزلة، لا يسمع ولا يرى ما يحدث في العالم وفي مصر كجزء من هذا العالم.
صحيحٌ أن هذا الملياردير ليس مسؤولاً حكومياً، وليس وزيراً، وليس مسؤولاً عن الشؤون الاجتماعية، وله الحرية أن ينفق أمواله بالشكل الذي يراه، ولكن هناك شيء اسمه السفه الذي يرفضه الدين وترفضه الأخلاق والفطرة السوية.
الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: “والله لا يؤمن. والله لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع”. وهناك جانب آخر للقضية وهو الاستفزاز والضيق الذي ينشأ لدى الكادحين عندما يسمعون عن هذه الحفلات المؤسفة. لقد أوصانا ديننا ألا نجعل أبناء جيراننا يرون ما نجلبه لأطفالنا من أطعمة، إذا لم يكن بمقدورنا أن نقدم لهم شيئاً منها، فما بالكم بمن ينفق المليارات على ليلة زفاف تنقلها الفضائيات ويراها فقراء العالم كله؟!
هذا كلام لا يرضاه الله ولا الناس، إذا كان رئيس الجمهورية استخدم كلمة “أقاتل لتوفير أموال العلاوة”، فهل من اللائق أن يكون هناك من يقاتل في التبذير والسفه؟
هذا العرس، دون أدنى غيرة من صاحبة الصون والعفاف هيفاء وهبي! ودون أي حقد على الملياردير المصري الذي أصبح بعلاً لها، شيء أصابني بالاشمئزاز والقرف، فما بالك بفقراء العالم أجمعين؟!