نتفهم جيدا الغضب الفلسطيني الذي سببته فتوى الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين بتحريم زيارة القدس للمسلمين من غير الفلسطينيين، ولكننا في الوقت ذاته لا نرى مبررا لتلك الحملة الاعلامية التي تبنتها وسائل الاعلام الفلسطينية ضد الدكتور القرضاوي.
القدس في وجداننا جميعا وفي وجدان كل مسلم غيور على مقدسات المسلمين، ونحن نتمنى جميعا أن نرى اليوم الذي يفك فيه أسر المسجد الأقصى من أيدي بني صهيون الغاصبين.
والشيخ القرضاوي خلال تاريخه كعالم جليل له تلاميذه ومريدوه وله مكانته لدى العالم الاسلامي كله لم يكن يوما إلا مدافعا وغيورا على القدس وعلى المسجد الأسير، ولذلك نحن نتمنى على إخواننا الفلسطينيين أن يبتعدوا عن كل ما يفرق الصفوف ويشتت الجهود، فالهجوم الاعلامي الشرس على رجل بمكانة الدكتور القرضاوي شيء يشيع الفرقة والفتنة بين المسلمين.
ما نطلبه من إخواننا الفلسطينيين أن ينظروا إلى موقع وموقف القرضاوي من القدس وقضيتها، عندما أطلق فتواه، فهل هو في موقف الدفاع عن القدس أم في موقف الهجوم عليها؟ هل أطلق فتواه تأييدا للقدس أم تأييدا لأعدائها؟ وعلى أي أساس بنى فتواه هذه؟
الفسطينيون غيورون على القدس والعرب غيورون على القدس والشيخ القرضاوي غيور على القدس وأدبياته وأحاديثه خلال تاريخه تدل على أنه مهموم بها أكثر من أي شيء في حياته.
ما حدث هو اختلاف في الرأي، واختلاف في الاجتهاد، والقرضاوي على ما أعلم يحق له الاجتهاد ويحق له الفتوى، فهو عالم مسلم اجتهد كثيرا وعذب من أجل كلمة الحق، ولا يمكن بعد كل هذه السنين التي قضاها في العلم والاجتهاد وفي قول الحق وإن كان مرا، أن يطعن القدس التي تعيش في وجدان كل المسلمين.
لابد أن نعرف أن هذه الفتوى هي فتوى قديمة وليس وليدة اليوم، وأن الذي جددها تلك الدعوة التي وجهها الرئيس الفلسطيني للمسلمين لزيارة القدس، فما كان من الرجل إلا أن جدد ما سبق وأفتى به من قبل.
ولابد أن نعرف أيضا أن الشيخ بنى فتواه -على حسب قوله- على أساس أن القدس أسيرة ومحتلة وأن زيارتها تتطلب تصريحا من المحتلين، وهذا من وجهة نظر الشيخ ومن وجهة نظر آخرين غيره يعد اعترافا بالأمر الواقع وتكريسا للاحتلال.
وقال الشيخ اننا كمسلمين يجب أن نشعر بحرماننا من القدس ويجب أن نشعر أنها بين أيدي أعدائنا وبالتالي نسعى لتحريرها من الغاصبين، وهذه وجهة نظر لابد أن نحترمها، حتى لو اختلفنا معها، لأنها مبنية على منطق معين وصادرة من رجل يحترق قلبه من أجل القدس.
الدكتور القرضاوي لم يصدر فتوى بهدم بيت المقدس، ولكنه اجتهد كما يجتهد العلماء وأصدر فتواه، ولنا أن نختلف معه كما اختلف معه مفتي القدس، ولنا أن نزور القدس إن أردنا، والدليل على ذلك أن 37 بحرينيا من منظمات المجتمع المدني سيزورون القدس دعما لها وللمقدسيين المرابطين.