الشيخ جمال البنا، أو المفكر الإسلامي جمال البنا، كما يطلق عليه، أصبح مختصا تقريبًا في الفتاوى الغريبة المثيرة للجدل، دون أي مبرر يدفعه لإطلاق هذه الفتاوى التي سرعان ما تسافر عبر شبكة الانترنت إلى كل أركان العالم.
آخر فتاوى البنا الغريبة التي تبادلها الشباب بكثافة عبر النت، فتواه التي تبيح تبادل القبلات بين الشباب والفتيات في الأماكن العامة، التي خلقت جدلا ونالت هجوما من علماء الأزهر الشريف، الذين أعلنوا أن هذه الفتوى تؤدي إلى نشر الفاحشة.
البنا شرح المسألة في حلقة له على قناة “الساعة” الفضائية قائلا إن هذه القبلات تدخل ضمن “اللمم” في الإسلام، أي الذنوب الصغيرة التي تمحوها الحسنات.
نحن لسنا من أهل الفقه لكي نخوض في مدى دقة هذه الفتوى أو غيرها، فهذا متروك لعلماء الدين، ولكننا مع هذا نشعر بالعجب الذي شعر به آلاف الشباب ممن تلقوا هذه الفتوى على الانترنت. والعجب هنا له أسباب كثيرة. فهل حلت كل مشكلات الأمة ما عدا مشكلة تبادل القبلات بين الشباب والفتيات؟ ألا يشعر الشيخ البنا وغيره من مشايخ الإثارة، الموجودين دوما على شاشات الإثارة، بالحالة التي تعيشها الأمة الإسلامية في هذا الزمن؟ ألم يسمع المشايخ أن إسرائيل تقوم حاليا بحلقة جديدة من حلقات تصفية القضية الفلسطينية بطرد آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية؟ ألا يعرف الشيخ البنا أن علاقات الدول العربية والإسلامية ببعضها البعض ليست في أحسن حال؟ ولماذا لم يفكر شيخنا في فتوى تساعد المحاصرين في غزة، كأن يحلل لهم أكل الميتة عندما يضطرهم الحصار الظالم إلى ذلك؟ خاصة وأنه سيجد سندا قرآنيا واضحا لفتوى كهذه، ولن يثور عليه علماء الأزهر. (فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه).
ولنا أن نتساءل أيضًا عن المشكلة أو الضرورة التي دفعت شيخنا البنا إلى إطلاق فتواه هذه. فهل معاناة الراغبين في تقبيل بعضهم البعض قد أصبحت أمرا مأساويا أدى بهذه القناة التلفزيونية إلى السعي لمساعدتهم باستضافة هذا الشيخ ليبحث لهم عن حل شرعي؟ أم أن هناك سببا آخر دفع بصاحب هذا البرنامج إلى توجيه هذا السؤال التافه للشيخ؟ أم أن السؤال الصحيح هو: ما الذي يضطر الشيخ للإجابة على هذا السؤال، أو يضطره للحضور أصلا لمثل هذه البرامج؟
ما أعتقده شخصيا أنه لا أحد في حاجة إلى فتوى الشيخ البنا، لا الذين يتبادلون القبلات بالفعل، ولا الذين لا يتبادلونها. فما هو السبب في هذه الفتوى وغيرها على شاشات الفضائيات العربية؟ السبب من وجهة نظري هو رغبة هذه الفضائيات في تحقيق أكبر قدر من الإثارة للتغطية على فشلها، حتى وإن كانت هذه الإثارة على حساب الدين والأخلاق.
ولكن يلام على الشيخ البنا وغيره المشاركة في برامج هذه الفضائيات التي تخدم هذه القنوات وحدها وتضر بسمعة ومصداقية هؤلاء المشايخ.
الغريب أن الشيخ قد عبرعن استيائه من قيام البعض بتأويل فتاواه، ولا ندري أي تأويل هذا الذي يتحدث عنه الشيخ، رغم أن الذين ردوا عليه وهاجموه، سواء بسبب فتواه الحالية أو فتواه التي تبيح التدخين أثناء الصيام، هم جميعا من كبار علماء الأزهر.