فالس هو رئيس وزراء فرنسا الذي أتى لزيارة إسرائيل لتدشين مشروعات اقتصادية معينة قدمتها فرنسا لإسرائيل، فكم رئيس وزراء وكم وزير خارجية، بل كم رئيس قيل عنوان كهذا تعليقا على زيارة له لفلسطين أو إسرائيل؟ كم من السنين مضت على فلسطين المحتلة والعالم يستخدم هذا العنوان الذي استخدم في وصف زيارة السيد فالس لإسرائيل؟
كم عمر السيد فالس وزير الخارجية الفرنسي؟ أعتقد أن ملامح وجه الرجل تبين أن عنوانا كهذا طالما استخدم قبل أن يتعلم هو القراءة والكتابة، بل من قبل أن يولد! فمنذ نكبة العام 1948 وهناك من يتكلم عن السلام والتعايش، ومنذ العام 1979 وهناك الكثيرون يتحدثون عن صنع السلام وعن دفع عملية السلام، ومع ذلك فأعداد القتلى الفلسطينيين وعدد الجرائم الاسرائيلية تتصاعد ولا فرق بين الحديث عن الحرب والحديث عن السلام، لأن النتيجة واحدة!
لم يصبح شيئا بلا معنى في هذا العالم أكثر من الحديث عن دفع إسرائيل نحو صنع السلام، ومع ذلك تجد من يتحدث بحماس، وكأن النكبة الفلسطينية وقعت منذ عام أو عامين، وكأن الذين يتابعون ويسمعون ما يقال ولدوا بالأمس أو فقدوا الذاكرة!
لو قمنا بعمل تحليل محتوى لصحف العالم على مدار ستين عاما مضت لوجدنا نفس العناوين ونفس المضامين عن دفع عملية السلام، وهو شيء لم يحدث ربما خلال التاريخ الإنساني كله، فالدول تقوم وتسقط والحروب تقوم وتنتهي والحقوق تغتصب وتعود لأصحابها، ولكن القضية الفلسطينية لا يطرأ عليها التغيير إلا إلى ما هو أسوأ!
ولو قدر الله وأصبح أحد أحفاد السيد فالس رئيسا لوزراء فرنسا، أي بعد سبعين عاما مثلا، وقام هذا الحفيد بزيارة لفلسطين المحتلة، سيقرأ الموجودون على قيد الحياة عناوين الصحف التي تقول إن رئيس الوزراء الفرنسي يسعى لإقناع المسؤولين الاسرائيليين بالسماح بإدخال مواد غذائية للمناطق الفلسطينية المنكوبة.
وإذا كانت القضية الفلسطينية لم تحل عندما كان العالم العربي أكثر قوة، فلا يمكن أن تحل الآن، لأننا الآن في مرحلة التآكل والتراجع والتقسيم.
طبعا هذا الكلام يبنى على أساس أحوال وقوانين وساسة هذا العصر الذي نعيش فيه والقوى التي تتسيد العالم خلال المئة عام التي مضت والتي تسعى للبقاء كما هي خلال مئات أخرى من السنوات.
وبالتالي لا أمل إلا في تغير موازين القوى وسقوط امبراطوريات وقوى معينة لكي يتغير التاريخ وتبدأ حلقة جديدة يسود فيها آخرون وتتغير مواقع الدول والشعوب في الجملة ونرى فاعلين ومفعولين آخرين.