المشهد هو هو لم يتغير،غزة تئن مجددا ولا حول ولا قوة إلا بالله،وليس لدينا سوى الاحتجاج الشعبي وتنظيم الفعاليات والمظاهرات،مصر أكبر دولة عربية لم يتغير موقفها كثيرا،أو ربما هذا هو الممكن في الوقت الحالي.
كنا من قبل نقسم أنفسنا إلي دول ممانعة ودول اعتدال فيما يتعلق بالموقف من سياسات الكيان الصهيوني،وكنا نجلد أنظمة عربية معينة وفي مقدمتها النظام المصري السابق وننعته بالخيانة والعمالة والتواطؤ والانبطاح والتفريط في المقدسات وبيع القضية الفلسطينية وغير ذلك من المفردات التي أطلقتها التيارات الدينية وخاصة جماعة الإخوان المسلمين.
النظام السوري الذي كان يتفاخر بكونه أكبر أنظمة الممانعة وأنه الصامد الوحيد في وجه الغطرسة الإسرائيلية،أصبح الآن مشغولا بقتل أبناء الشعب السوري في نفس اللحظات التي تقتل فيها إسرائيل أبناء الشعب الفلسطيني.
والآن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت في سدة الحكم في الدولة التي طالما وصفت بالعمالة بعد معاهدة السلام وما تلاها من سياسات حتى رحيل نظام حسني مبارك،فماذا سيفعل الرئيس الإخواني في مواجهة البجاحة الإسرائيلية المحمية بالتأييد الأمريكي، وبالفيتو الأمريكي؟
وإسرائيل،كما كان متوقعا،وضعت النظام المصري الجديد المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الموقف الأكثر إحراجا ، لأن كل شعارات الإخوان حول المقدسات وحول تفريط الأنظمة التي سبقتهم في هذه المقدسات قد أصبحت على المحك،بل إن الأساس الذي اتسعت به شعبية الجماعة قد أصبح هو الآخر على المحك.
إن أقصى موقف يمكن أن يتخذه الرئيس المصري الجديد هو سحب السفير المصري من تل أبيب لبعض الوقت،وهو أقصى ما فعله النظام السابق أيضا،رغم أن الموقف الحالي أكثر إحراجا لمصر بعد أن طالت الهجمات الصهيونية الأراضي المصرية وراح ضحيتها 5 من الضباط والجنود المصريين.
وقد رأينا الموقف الأمريكي واضحا وحاسما كالعادة،حيث أعلن الرئيس أوباما أن من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها وأن أمن إسرائيل خط أحمر.
مصر لديها حروب أخرى كثيرة في هذه اللحظة،فهي تحارب من أجل الحصول على قرض البنك الدولي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة،وتحارب معارك أخرى في الداخل أشد خطرا،وبالتالي لا جدوى من المظاهرات الحماسية التي تطالب بفتح باب الجهاد أو الدخول في حرب مع إسرائيل.
هذه ليست دعوة لليأس وليست شماتة أو تشكيكا أو تخوينا لأحد،ولكنها اعتراف بواقع مرير لابد من تغييره إن أرادت هذه الأمة أن تخرج من كبوتها.
والتغيير لن يتحقق إلا إذا امتلك العرب من أسباب القوة ما يجعل العالم كله يحسب لهم ألف حساب.الإخوان المسلمون هم وغيرهم من التيارات الدينية يعرفون معنى الآية الكريمة:”وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم”
وإلى أن يأتي اليوم الذي يمتلك فيه العرب أسباب القوة ،ستظل إسرائيل تعربد،سواء كان الإخوان في الحكم أو في خارجه،لأن المسألة ليست كلاما وشعارات ومظاهرات وخطبا نارية عن أبناء القردة والخنازير.