27 أكتوبر 2017
شيخة البنائين
هناك رواية تسمي شيخ البنائين وليس شيخة البنائين كما ذكرت في العنوان،ولكنني أستعير العنوان واستخدم صيغة التأنيث هنا لضرورة معينة.
فشيخ البنائين كما ورد في الرواية رجل لا يعترف بسنة الحياة في تعاقب الأجيال،حيث يشب الإنسان ويتعلم ويعيش فترة ازدهار ثم لا يلبث المنحنى أن يتجه إلى أسفل حتى يضمحل وينتهي ويترك مكانه لغيره وفي كثير من الأحيان يحل محله تلميذ له وقد يتفوق عليه.
شيخ البنائين في هذه الرواية لم يعترف بهذه السنة الكونية وظل يكابر ويستأثر بشرف بناء أعلى نقطة في الكنيسة حتى صفعة الزمن صفعته القاتلة فخر على الأرض ولفظ أنفاسه الأخيرة.
أما شيخة البنائين فهي شخصية أخترعها من خيالي لأرمز بها لكل امرأة تبوأت مكانا أو منصبا وقضت جل عمرها تدافع عن تلك المكانة التي تبوأتها أكثر من دفاعها عن أي شيء آخر ،فهي تجتهد طاقتها لكي تثبت لمن حولها،خاصة الرجال منهم، أنها جاءت إلى الحياة كفلتة من فلتات الزمن وأنه من الصعب ان لم يكن من المستحيل أن يأتي الزمن بمثلها،فهي ظاهرة ما حدثت منذ آلاف القرون.
المشكلة في شيخة البناء أن شرها يقع على بنات حواء أكثر ما يقع على الرجال ،فهي ليست محكومة بصراع الأجيال وبالتثبث بالحياة وبالمكانة مثل شيخ البنائين،ولكنها محكومة بغيرة المرأة وبكيد النساء ،وهذا أمر غاية في السوء وغاية في الضرر على المجتمع كله،خاصة إذا كان مجتمعا لا تزال المرأة تكافح من أجل إثبات وجودها وتفوقها في المجتمع.
شيخة البنائين تظل تتصابى وترفض الاعتراف بالزمن وبأثاره التي سبيل لاخفائها خاصة إذا كانت في ماضيها البعيد من ذوات الجمال الذي يساعد في إفساح الطريق نحو المجد الشخصي وبغض الطرف عن الكثير من الأمور.
ولكن وجه الشبه بين شيخة البنائين وبين شيخ البنائين يكون في النهاية المحتومة او في السقوط الأخير عندما تهوي هي الأخرى على الأرض ويتخلى عنها الجميع ويتركها كما يترك سقط المتاع.