شباب توك في السودان

شباب توك في السودان

بثينه خليفه قاسم

26  سبتمبر 2018

 

شباب توك في السودان

 

ماذا لو سكت السودانيون وتجاهلوا تماما ما قيل وما نوقش خلال حلقة شباب توك التي تناولت وضع المرأة السودانية ؟سؤال سألته لنفسي بعد الضجة المهولة التي حدثت في السودان بسبب أن شابة عبرت عن رأيها خلال هذه الحلقة وانتقدت الحجاب وانتقدت الطريقة التي تتعامل بها المرأة السودانية في الشارع .

 

ما هي النتيجة الإيجابية التي تحققت عندما قامت الدنيا وترك الناس شئونهم وتفرغوا للعن هذه الشابة ولعن البرنامج ومقدم البرنامج ولعن القناة التي أذاعت ولعن مخترع التلفزيون !انبحت حناجر الخطباء وتزلزلت أركان المساجد وأصبح اسم جعفر عبد الكريم مثل اسم أبو جهل وأصبح من كفار قريش !

 

الغريب أن الحلقة التلفزيونية كان بها شيخ سوداني جليل يرد على الفتاة ويرد على مقدم البرنامج ،وبالتالي فهي معركة فكرية ينتصر فيها من يملك الحجة ويملك الدليل على ما يقول، والجمهور المشاهد سيقرر مع من يقف ومع رأي من سيسير ..ولكن اهلنا في السودان يتعاملون مع كل  شيء بحساسية مفرطة ويجردون سيوفهم من أغمادها عند كل اختلاف في الرأي ويدقون طبول الحرب طوال الوقت.

الفتاة قالت كلاما ،والشيخ قال كلاما وللناس أن يأخذوا هذا ويتركوا ذاك ولا داعي أبدا لحالة التعبئة العامة التي شغلت الجميع واستهلكت أوراق الصحف  وملأت صفحات الفيسبوك وجعلت شيوخ الدين يقضون ليلتهم ويحرقون أعصابهم من أجل تنميق الجمل واختيار الألفاظ الحنجورية التي تشنف أذان المصلين .

والنتيجة النهائية لهذه الحرب هي أن السودانيين قد صنعوا دعاية مجانية لهذا البرنامج ولمقدمه وللفتاة السودانية صاحبة الرأي الذي جفف الأنهار ونقل الجبال من مكانها ووضعوا صورة معينة أمام العالم سيقرأها كل على هواه!