كل شيء له حدود حتى الحرية، لأن الحرية إذا زادت عن حدها تصبح فوضى، فالإنسان حر فيما لا يضر بغيره، أما إذا أضر بغيره فقد تعدى المقصود بكلمة حرية إلى مفهوم آخر.
من حق شباب صحوة الفاتح أن يثوروا بالشكل الذي رأيناه، فكما يؤدي الضغط والتعسف الزائد عن الحد إلى التمرد والانفجار، لابد للتهاون والتساهل أن يؤدي إلى الاستهتار بالقوانين وضياع هيبة الدولة، والنتيجة المزيد من الخروج على القانون وتعطيل المصالح وضعف الإنتاج والإضرار بالاقتصاد والاستقرار.
لاشك ان الضرر الاقتصادي والأمني ينعكس على الدولة برمتها وليس المتمردين فقط، وبالتالي يصبح من حق الأغلبية الصامتة التي تدفع ثمن هذا التمرد أن تتحرك دفاعا عن مصالحها.
لا يستطيع أحد أن ينكر حجم الضرر الاقتصادي الذي حل بالبلاد بسبب تكرار الاحتجاجات، ومن يريد التأكد عليه أن يسأل قطاع الفنادق عن حصاد العام المنصرم، وهل كان كالأعوام السابقة أم لا، ويسأل شركات الطيران والقائمين على القطاع المصرفي، ويسأل عن مدى تدفق الاستثمار الأجنبي إلى المملكة خلال وعقب الأحداث التي وقعت.
رأس المال جبان، كما يقول أهل الاقتصاد، فمن الذي يستثمر في دولة غير مستقرة أمنيا، ومن الذي سيأتي للسياحة في مكان لا يأتمن فيه على روحه؟
ونتيجة كل هذا هي زيادة التضخم، وتفشي البطالة ونقص المبالغ المخصصة للصحة والتعليم والبنية التحتية، والشعب البحريني هو الذي يدفع الثمن.
ورغم ذلك تجد العالم الخارجي لا يريد أن يعترف حتى الآن أن ما حدث في البحرين هو تحرك طائفي يهدف إلى تقويض الدولة البحرينية، فعلى الرغم من وضوح الرؤية وتضرر أغلبية أبناء البحرين مما تقوم به ثلة من الطائفيين إلا أن الأمر لا يزال ينظر إليه إعلاميا وحقوقيا على أنه تحرك للمعارضة البحرينية.
العالم الخارجي لا يشغله أن يتداعى الاقتصاد البحريني أو أن تتحول البحرين إلى دولة فاشلة، ولا يشغله أن يؤدي تمرد طائفة معينة وسعيها للحصول على ميزات على حساب غيرها إلى مواجهة طائفية تأتي على الأخضر واليابس.
ولكن البحرينيين الذين يخشون على بقاء هذا البلد ويخشون على مستقبل أبنائهم من حقهم أن يقلقوا وأن يحتجوا على الطريقة التي تسير بها الأمور منذ عام تقريبا.
وعلى الحكومة البحرينية أن تتفهم مشاعر ومواقف هؤلاء الرافضين للتهاون مع الخارجين على القانون، وأن تضع خطا واضحا بين الحرية وبين الفوضى وأن تثبت لكل الأطراف أنها موجودة وأن هيبتها أهم من رضا جمعيات حقوق الانسان، لأنه من الواضح أن هذه الجمعيات لن ترضى حتى وإن سقطت البحرين في مستنقع الحرب الأهلية.