ما قالته الناشطة الإيرانية أتينا فرقداني، المفرج عنها قبل فترة من سجن “إفين الإيراني”، عن العالم العجيب لهذا السجن والتعذيب الذي يجري للمعارضين السياسيين يذكرنا برواية 1984 للكاتب الساخر جورج أورويل. ففي هذه الرواية يسخر أورويل من الحكم الشمولي ومن فنونه الغريبة في مراقبة الناس والتجسس عليهم في كل مكان، وخلال حركاتهم وسكناتهم وتحويلهم أفراد المجتمع إلى رقباء على بعضهم البعض.
ولكن يبدو أن إيران تفوقت بكثير في وسائل الرقابة والتعذيب على خيال جورج أوريل في تلك الرواية المستقبلية، فقامت بمراقبة السجناء وهم داخل “الحمامات” وليس فقط داخل الزنازين.
الناشطة الإيرانية تروي اشياء مقززة تقوم بها السلطات الإيرانية داخل السجون ضد المعارضين، وتقول إن الأمر وصل إلى حد وضع كاميرات تصوير داخل “الحمامات” تسجل كل كبيرة وصغيرة تقوم بها النساء المعتقلات في سجن “إيفين” سيء السمعة.
الأدهى والأمر أن هذه الناشطة لم يتم اعتقالها لأنها دعت للعنف ضد نظام الثورة الإيرانية أو لأنها طلبت من المعارضين أن يسحقوا رجال الأمن الإيرانيين، ولكنها اعتقلت لأنها أقدمت على مقابلة أسر المعتقلين السياسيين الذين جرى اعتقالهم على خلفية مشاركتهم في الثورة الخضراء التي جرى وأدها بواسطة قوات الباسيج.
هذه حالة واحدة استطاعت أن تنقل قصة معاناتها في السجن إلى العالم من خلال الانترنت، فما بال المئات وربما الآلاف ممن يخافون نشر ما تعرضوا له داخل سجون نظام الملالي الإيراني الذي لا يحترم حقوق الانسان ولا يحترم آدمية البشر!
فهل يحق لإيران أن تعطي لغيرها دروسا في حقوق الإنسان وتتدخل في شؤون غيرها من الدول على خلفية توقيف شخصيات معينة داخل هذه الدول؟
وإلى أي مدى يمكن أن تتقبل إيران قيام أية شخصية رسمية بحرينية أو غير بحرينية بانتقاد ممارساتها غير الانسانية داخل السجون، خصوصا المتعلقة بإهانة النساء ونزع ملابسهن وتصويرهن بشكل ترفضه كل الشرائع السماوية وكل القيم الإنسانية؟
المبادئ لا تتجزأ، ولو كانت إيران تتدخل في شؤون غيرها من باب الدفاع عن القيم الإنسانية أو الدينية،لتوقفت هي عن انتهاك آدمية البشر داخل سجونها، ولكن مسألة تدخلها في شؤون دولنا ترتبط بمصالها وخططها التوسعية في المنطقة ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالمبادئ وحقوق الإنسان، فهي تدافع عن هذه الشخصية أو تلك لأنها موالية لها ولأنها أداة من أدوات مشروعها في هذه الدولة أو تلك.