من الأشياء العجيبة التي تبين أن الشعوب العربية مسكونة دوما بنظرية المؤامرة أكثر من غيرها من كل الشعوب، ذلك الموقف الذي اتخذته وسائل إعلام جزائرية من زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس لدولة تونس الشقيقة.
الرجل قام بزيارة ناجحة لبلد عربي شقيق بهدف تقديم الدعم له بعد الفترة العصيبة التي مرت بها تونس وما ترتب من أوضاع اقتصادية وأمنية وتأثيرات سلبية على قطاعات عديدة خصوصا قطاع السياحة الذي تضرر كثيرا من العمليات الإرهابية التي وقعت هناك.
العاهل المغربي لم يذهب إلى تونس لكي يرتب لإقامة قواعد عسكرية مغربية تهدد دول الجوار، ولكنه ذهب لإحياء الاتحاد المغاربي بعد سنوات من الفتور ولكي يساعد الاقتصاد التونسي لكي ينهض من كبوته.
أليس تجول شخصية بحجم ملك المغرب في شوارع تونسية وحديثه المباشر مع المارة بمثابة رسالة للعالم كله بأن تونس بدأت طريق الاستقرار وأن زيارتها آمنة والدليل على ذلك أنه يتجول بلا خوف في شوارعها.
لماذا نثير الشكوك حول كل شيء ونصطنع الأحداث التي نسيء بها إلى بعضنا البعض؟ أليست الاتفاقات الاقتصادية الكثيرة التي وقعت بين الملك محمد السادس وبين الرئيس التونسي المنصف المرزوقي أمرا يخدم الاقتصاد التونسي والمغربي بعيدا عن أية ايديولوجيات وعداءات؟
ملك المغرب من حقه أن يعيد للدبلوماسية المغربية نشاطها وتألقها في القارة الأفريقية ومن حقه تحقيق مصلحة بلاده بكل السبل وهذا هو الطبيعي الذي يجب أن يقوم به كل حاكم، ولا عيب سوى في العقول المسكونة بالمؤامرة التي تقوم بتأويل كل شيء على هواها.
هناك من قال إن الجولة التي قام بها العاهل المغربي موجهة ضد هذه الدولة أو تلك، وهناك من نشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن خلافا شديدا وقع بين الملك وبين الرئيس التونسي بسبب موقف الأخير من مشكلة الصحراء بين المغرب والجزائر.
هذا الموضوع جعلني أقتنع بأن التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات والفضائيات الذي أدى إلى إزالة المسافات بين دول العالم أدى إلى توسيع المسافات بين العرب وزاد العداوات بين الشعوب العربية، فمواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ميدانا للحرب بين الدول العربية يقوم من خلالها الشباب بافتعال مواجهات لا طائل من ورائها، ابتداء من مباريات كرة القدم وحتى زيارات الملوك والرؤساء.