رسالة مخلصة إلى الرئيس عمر البشير

رسالة مخلصة إلى الرئيس عمر البشير

من مواطنة عربية بسيطة إلى الرئيس عمر البشير، مع تقديم كل الاحترام والدعوات المخلصة لبلدنا العربي الكبير الذي لم يمض وقت طويل على تقسيمه إلى شمال وجنوب، أنت يا سيادة الرئيس أمام موقف تاريخي ليس بالسهل؛ لأنك بكل تأكيد تعلم أكثر مني وأكثر من كل البسطاء من أمثالي أن المؤامرة كانت حاضرة بشدة في كل ما مرت به الأمة من احتجاجات أطلقوا عليها الربيع العربي.
في البداية تخرج المظاهرات بسبب الأسعار والأوضاع الاجتماعية السيئة، فتتصدى لها الجهات الأمنية، فيسقط بعض الضحايا، ورد فعل الدولة يكون بطيئا في هذه المرحلة، ويقول أهل الحكم لأنفسهم إننا لسنا مثل الدول التي سادت فيها الفوضى من قبلنا، وإن الأمور لن تصل إلى حد الثورة، ويقوم بعض رجال الأمن غير المخلصين بإقناع الرئيس بأن الأمور تحت السيطرة، وأن هؤلاء المحتجين مجموعة من الشباب، وأننا بإغلاقنا الجامعات والمدارس لفترة سينتهي كل شيء.
ولكن المظاهرات لا تتوقف، ومع سقوط قتلى وجرحى يزداد حجم كرة الثلج، وتصبح المطالب الأولى التي خرج من أجلها شيئا من الماضي، وتظهر مطالب جديدة، تتعامل الحكومة معها أيضا ببطء، ويتواصل سقوط الضحايا، وتنبت مطالب جديدة، وهكذا دواليك، ويتحول الأمر إلى ثورة، ويظهر لك حينئذ أصحاب المؤامرة من خارج الحدود، وبعدها تبدأ تتمنى أن تقوم بما سبق ورفضته أولا وثانيا وثالثا، وتصبح الدولة كالريشة في مهب الريح يفعلون بها ما يشاؤون ويوجهون المزيد من الطعنات إلى الجسد العربي المكلوم.
العظماء عبر التاريخ يا سيادة الرئيس هم الذين اتخذوا قرارات غير تقليدية وكسروا المربع الذي انحبس فيه غيرهم، فأبهروا الدنيا بقراراتهم التي جعلتهم رموزا عبر التاريخ، ولنسأل التاريخ عن شارل ديجول وعن جورج واشنطن وعن أبراهام لنكولن، وعن جمال عبدالناصر!
الحكام يأتون إلى الحكم بشكل أو بآخر، وحتما سيرحلون عنه يوما من الأيام، ولكن منهم من يرحل ويظل كبيرا وعظيما وملهما لأبناء شعبه عبر التاريخ، ومنهم من تلاحقه اللعنة في كل الكتب الدراسية التي تدرس للأجيال القادمة.
فهل يمكن أن يقدم الرئيس البشير نموذجا لم يقدمه غيره، ويقوم بتفويت الفرصة على كل الساعين لتدمير السودان كله وتمزيقه مرة أخرى، وطعن الأمن القومي العربي كله في مقتل؟
عندما تم تقسيم السودان إلى شمال وجنوب لم يكن السودان وحده هو الذي تضرر، ولكن الأمن القومي العربي كله قد أصيب في الصميم،والذي يسعى إليه أعداء السودان وأعداء الأمة حاليا هو تقسيم جديد للسودان وضربة جديدة للأمة، والرئيس عمر البشير بإمكانه أن يفعل الكثير للسودان وبإمكانه أن يحفر اسمه في التاريخ بأحرف من نور.