إلى المصريين، من أبسط فلاح، وحتى عبدالفتاح السيسي، نقول: التهديد الذي أطلقه علي سلمان مؤخرا حول قتل البحرينيين من ذوي الأصول المصرية وإعادتهم إلى مصر في توابيت، كما حدث إبان حرب العراق حسب وصفه، هو كلام غير مسؤول ويجب أن يحاسب عليه قانونا، فهو يمثل دعوة للعنف والقتل ليس فقط ضد مواطنين بحرينيين، أيا كانت أصولهم، ولكنه دعوة للعنف ضد المصريين المقيمين في البحرين بشكل عام، وهذا أمر يضر بالأمن العام للبلاد ويسيء إلى دولة شقيقة يكن أهلها، حكومة وشعبا، للبحرين كل مودة واحترام.
يبدو أن هذه المودة وهذا الاحترام الذي يحمله المصريون للبحرين هو الذي أغضب علي سلمان، فهو لا يريد ذلك، بل يريد أولئك الذين يريدون للبحرين الفوضى وعدم الاستقرار والخراب.
سلمان اختار المصريين على وجه الخصوص لأن لديه غصة ولديه إحباطا لا يوصف من مصر وقيادتها،فمصر لم تدعم أهدافه الساعية إلى هدم هوية الخليج العربي وتحويله إلى مملكة الولي الفقيه، فعندما حدثت مؤامرة الدوار وما اشتملت عليه من أعمال عنف، طار سلمان إلى القاهرة لكي ينال الرضا والقبول محاولا أن يقنع أهل مصر أن ما جرى في البحرين كان ثورة وأن عليهم تأييدها بالإعلام وبغير الاعلام، وكانت الظروف مهيئة لتلبية مطالبه، خصوصا أن رجال الحرس الثوري الإيراني كانوا قد سبقوه إلى هناك ليؤسسوا للرئيس الإخواني حرسا ثوريا وباسيجا، يحميه، ويضمن لهم دخول مصر من أوسع الأبواب وتتحقق كل الأهداف تباعا.
ولكنه لم ينل هدفه، رغم الشعارات البراقة التي رفعها والتغليف الجيد لبضاعته الرديئة، فقد جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن السلمانية الإيرانية وقام عبدالفتاح السيسي ورجاله بوضع نهاية لأحلام أعداء الأمة وخدامهم الموجودين على أرضها.
وعندما وقفت المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين إلى جانب مصر ودعمتها بكل السبل لتمر من عثرتها، بلغ الإحباط والمرارة مبلغهما بعلي سلمان، فخرج عن المألوف وانهارت أعصابه وتفوه بمفردات الإرهاب والإرهابيين وأعطى لأتباعه إشارة القتل!
المصريون الموجودون على أرض البحرين، من حصل منهم على الجنسية البحرينية، ومن هو مقيم للعمل، هم من أرقى الجاليات وأعزها على نفوسنا، وأقول وعلى مسؤوليتي إن الغالبية العظمى من أهل البحرين يكنون لهم كل احترام ومودة ولا يعاديهم إلا من في قلوبهم مرض.
المصريون في البحرين هم المدرسون العظماء الذين شاركوا في نشر العلم في بلادنا، هم القضاة النبلاء الذين عملوا بين ظهرانينا، هم أساتذة الجامعات العظماء، هم الصحافيون الذين شاركوا في بناء النهضة الاعلامية، هم السفير الدكتور محمد نعمان جلال والسفير الدكتور رضا شحاتة والسفير الدكتور عبدالله الأشعل والسفير الدكتور إبراهيم بدوي، وغيرهم كثير ممن عاشوا بيننا وممن لا يزالون موجودين حتى الآن على أرض البحرين ولهم كل التقدير والاحترام من البحرينيين.
ورغم أن كلام علي سلمان لا يمثل سوى علي سلمان وثلة من أتباعه، إلا أنني كمواطنة بحرينية أشعر بالامتعاض لهذه التصريحات غير المسؤولة وأنتهزها فرصة لأرسل تحية تقدير واحترام لكل المصريين الذين يعيشون الآن على أرض البحرين ولكل الذين عاشوا على أرضها فترة ورحلوا عنها.
أرسل تحية تقدير واحترام للمستشار الإعلامي بالسفارة المصرية، سابقا، جابر يوسف حيدر الذي رحل عن البحرين منذ خمس سنوات ولا يزال يقدم لي ولغيري خدماته عندما نكون في القاهرة، على الرغم من أنه لم يعد في تلك الوظيفة التي تجعله يفعل ذلك، فهو يقدم كل ما يستطيع لدرجة أنه يطلب مني كل مرة أن أرسل له رسالة بها رقم سيارة التاكسي التي تنقلني من مكان إلى مكان في القاهرة حتى يمكنه التصرف إن تعرضت لمكروه لا قدر الله.
ذات مرة كنا في أمسية ثقافية على ما أتذكر وكانت حول تدشين كتاب للدكتور عبدالحميد المحادين، وهو بحريني من أصل أردني، وكان عنوان الكتاب: “الخروج من العتمة”، وعندما أعجب الدكتور المحادين بحديث المستشار الإعلامي المصري جابر حيدر، أهداه هذا الكتاب بعد أن كتب عليه هذه العبارة، التي قمت بدوري بنقلها لشدة جمالها ولفرط حبي لمصر وأهلها:
“ذات مرة كتبت قصيدة عنوانها: أبجدية تشرين، وتساءلت في أحد سطورها، من منا لم يشرب من ماء النيل؟ولكنني الآن لا أتساءل، ولكنني أقرر، أن كل عربي على الاطلاق مدين لأرض الكنانة بشكل أو بآخر، وتعبيرا عن إحساسي بهذا الدين أقدم لك هذا الكتاب”.