السيدة هيلاري كلنتون المرشحة لرئاسة أكبر دولة في هذا الكون تفضلت على الإنسانية وعلى الناخبين الأميركيين بأنها تعتذر عن موافقتها على الحرب على العراق!
السيدة كلنتون بالطبع تقصد استرضاء الناخبين الأميركيين ولا تقصد الاعتذار للعراقيين أو العرب، والدليل على ذلك أنها فعلت ذلك خلال حملتها الانتخابية ولا يمكن لعاقل أن يصدق أنها تعتذر للعراقيين.
وحتى لو ألغينا عقولنا ووضعنا البراغماتية ووضعنا الكذب الطبيعي للسياسيين جانبا، فما الذي تقدمه السيدة كلنتون باعتذارها هذا للعراقيين أو للإنسانية بعدما أعيد العراق إلى العصر الحجري وفقد أهله كل شيء وسقط في مستنقع الطائفية تتنازعه الجماعات الإرهابية الشيعية والسنية وتعبث بوجوده أحقر أجهزة الاستخبارات على وجه الأرض؟
ونحن نقول للسيدة كلنتون ولكل رجال ونساء الإدارة الأميركية: ما الفرق بين ما جرى للعراقيين – بسبب قرار تقولون إنه خاطئ وبين ما جرى للأرمن وبين الهولوكوست (المحرقة) التي مازلتم تقدسونها حتى الآن وتعاقبون من ينكرها؟
ربما تقولون إن الوضع مختلف وإن المحرقة كانت تطهيرا عرقيا يمارس ضد فئة معينة، ولكن النتيجة واحدة يا سيدتي، فالعبرة بعدد الذين سقطوا وعدد الذين شردوا وعدد الذين ضاعت مصادر رزقهم وعدد الذين فقدوا الأمن والأمان.
لو كان الشعب العراقي يا سيدتي قد عاش في ظل الاستبداد لنصف قرن أو لقرن كامل أو عاش إلى أبد الدهر في ظل الاستبداد لكان أفضل من الديمقراطية والحرية التي جلبتموهما إليه.
الآن تقولون إنكم لم تفهموا الوضع الطائفي للعراق، وتقولون إنكم لم تستطيعوا تقييم نتائج الربيع العربي، رغم أنكم مازلتم على سياساتكم تجاه الدول التي أصابها الخراب الذي تسمونه الربيع وتجاه الدول التي لم يصبها!
قبل أيام قال كتاب كبار في صحفكم إن السعودية ليست دولة صديقة للولايات المتحدة وقامت المؤسسات الحقوقية الخاضعة لإرادتكم بالهجوم على مصر، في الوقت الذي تعاملتم فيه بشكل مختلف مع إيران وقدمتم لها المكافآت، وهي أمور تجعل الإنسان العادي في عالمنا العربي يتوقع ما هو أسوأ في سياسة الولايات المتحدة في العالم العربي.
بالحرب المباشرة يا سيدة كلنتون كنتم السبب في إطلاق جحافل الإرهاب بأنواعه على أرض العراق وبالحرب غير المباشرة فعلتم نفس الشيء في بقية الدول العربية، فالعلاقة بينكم وبين الربيع العربي علاقة لم تعد سرا.
وعلى كل حال فنحن نشكر السيدة كلنتون على هذه المجاملة الظريفة ونتمنى لها النجاح في الانتخابات الأميركية، فالمسألة بالنسبة لنا نحن العرب واحدة وقد أثبت التاريخ أنه لا فرق بين رئيس أميركي وآخر سوى في ملامح الوجه، فقد كان لكل واحد نصيبه من الحرب بشكل مباشر أو غير مباشر ضد العرب.