رحيل سلطان الحكمة

رحيل سلطان الحكمة

بثينه خليفه قاسم

١٤ يناير2020

 

رحيل سلطان الحكمة

 

ودعت الأمة العربية قبل أيام السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان بعد عمر من العطاء لبلاده وللأمة العربية .وقد كان السلطان قابوس واحدا من أبرز الحكماء العرب الذين استطاعوا المرور ببلادهم إلى بر الأمان وحافظ على استقلاليتها وحيادها في ظروف غاية في الصعوبة لان الحياد في أوقات كثيرة كان في حد ذاته اختيارا مرا ومؤلما لأنه يمكن أن يجعل صاحبه محل اتهام من قبل طرف أو حتى من قبل جميع الأطراف المتصارعة .

 

ولكن الثابت أن السلطان قابوس قدم الكثير لبلاده وقاد مسيرة التعليم والبناء فيها ونقلها نقلة كبيرة في كافة المجالات بشكل يشهد به الجميع .والسلطان قابوس هو صاحب مقولة ‘” سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر “وهي مقولة تبين مدى ايمان هذا الرجل الحكيم بأهمية التعليم في بناء الإنسان وفي تقدم الدول وتحقيق نهضتها في كافة المجالات .

 

واستنادا لهذه القناعة فقد قام السلطان قابوس بتبني سياسات تعليمية أدت إلى نهضة عمان وتقدمها واخذتها نحو التقدم في مجالات الصحة والعمران .ونتيجة لسياسة الحياد التي اتبعها السلطان قابوس ،رغم مرارتها ،فقد  أصبحت عمان في عهده مركزا لعقد الصفقات والاتفاقات الخاصة بقضايا كثيرة صعبة على المستوى العربي والإقليمي.

 

ولا ينفي هذا الحياد على الاطلاق كون السلطان قابوس رجلا عروبيا يقف إلى جوار أمته في لحظات الخطر التي تعرضت لها الأمة ،فهو الذي أمر أثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣ بالتبرع بربع رواتب الموظفين العمانيين لصالح مصر دعما لها خلال الحرب مع إسرائيل ،وهو موقف لا ينسى وسوف يذكره التاريخ على الدوام .

 

وعلى المستوى الخليجي كان السلطان قابوس واحدا من الآباء المؤسسين لمجلس التعاون الخليجي ،تلك المؤسسة العربية الهامة التي حافظت على مكانتها وأهميتها رغم كل ما كل ما جرى على الساحة العربية والإقليمية ورغم الظروف الصعبة التي مرت وتمر بها دول المجلس خلال هذه المرحلة الحساسة .

 

رحم الله السلطان قابوس بن سعيد الذي يستحق لقب سلطان الحكمة لسبب واضح ولا يمكن لأحد أن يشكك فيه وهو أنه استطاع الحفاظ على سلطنة عمان ومقدراتها وثرواتها وأخذها نحو التقدم ولم ينجرف بها إلى مغامرات وطموحات غير منطقية وهذا هو حقه وهذه هي قناعته ،سواءا قبلها الجميع أو لم يقبلوها لأن حياته كانت مخصصة للمصلحة العليا لعمان وشعبها .

رحم الله السلطان قابوس وتمنياتنا لكل خير وتقدم لشعب عمان الشقيق .”وكل ابن أنثى وإن طالت سلامته ..يوما على آلة حدباء محمول ..”