تلقى العالم العربي والإسلامي نبأ رحيل حكيم العرب الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بحزن كبير، فالملك عبدالله كان رجلا غير كل الرجال، وللصدفة أن يأتي رحيله في هذه اللحظة الخطيرة التي تعيشها الأمة كلها، وكأن قلبه الكبير ووطنيته وحبه لهذه الأمة لم تجعله يتحمل ما تمر به من مآس وضربات تصدى لها بعزم وإخلاص حتى لقي الله.
كان عطاؤه للأمتين العربية والإسلامية بلا حدود، وكانت مواقفه العروبية في أوقات الخطر التي تمر بها الأمة العربية لا مثيل لها، وكان خير امتداد وخير ممثل لنسل عبدالعزيز آل سعود، ومن خلاله رأينا الإخلاص والتفاني في خدمة هذه الأمة، خصوصا أن فترة ولايته كانت مليئة بالأحداث الجسام التي زلزت كيان الأمة.
ولم يكن عطاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز منحصرا في مساندة المملكة العربية السعودية للدول العربية والاسلامية والدفاع عن القضايا العربية والاسلامية العادلة، ولكنه امتد إلى العمل الانساني في كل أركان الأرض.
لقد حافظ الراحل العظيم على الصورة العظيمة للمملكة العربية السعودية في عطائها واحترامها للقيم الاسلامية وسعيها الدءوب للدفاع عن الاسلام وصورة المسلمين ومحاربة الارهاب الذي يحاول طعن الاسلام والمسلمين معا.
في عهده بقيت الشقيقة الكبرى رمانة الميزان لهذه الأمة رغم عظم التحديات وخطورة المؤامرة التي حيكت ولا تزال تدار ضد بقائها، فلم تتخل عنه فطنته يوم رفض أن تسقط البحرين ومصر في الفوضى، فقام بما قام من إجراءات وقدم ما قدمه من مساعدات أعادت الأمور إلى نصابها الصحيح ودحرت المخطط الآثم وأعطت الأمل في عودة بقية الأمة إلى رشدها والصمود في وجه ما يتهددها من مخاطر.
لقد استحق أبومتعب أن تبكيه الأمة قاطبة وأن تحزن لموته الشعوب والحكام معا، لأن عطاءه معروف وواصل للجميع كبارا وصغارا.
إن أملنا لم يخب أبدا من قبل في كل أبناء آل سعود، فكلهم كانوا على العهد تجاه شعبهم وأمتهم وكلهم وقفوا إلى جانب الأمة في أحلك الظروف، ولا اعتقد ان أملنا سيخيب أبدا في خلف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، فهي وصية واحدة تتناقل من أخ إلى أخ ومن جيل إلى جيل، وصية تقول ان المملكة العربية السعودية عليها واجبات ولها دور لن يلعبه غيرها تجاه الأمة العربية والاسلامية، وظهرت الوصية وتم تنفيذ كل حروفها في كل ما مرت به الأمة من مخاطر.
وسوف يكون خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود خير خلف لخير سلف وسوف يتحمل المسؤولية التي اضطلع بها سلفه رغم صعوبة اللحظة وكثرة المخاطر لكي تنجو الأمة ولكي يصنع تاريخا للمملكة العربية السعودية ويثبت للجميع أن مبادئ آل سعود والتزامهم نحو الأمة لن يتغير أبدا.
رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعوض الأمة العربية والإسلامية عنه خيرا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.