اليوم يحسم المصريون اختيارهم لرئيس الجمهورية ويبدأون مرحلة جديدة في مصر الجديدة العائدة إلى مكانها ومكانتها وتأثيرها.
اليوم يختار المصريون ثاني رئيس لهم بعد ثورتين خلال فترة تزاحمت بالأحداث وتهدد فيها بقاء بلدهم الكبير موحدا متماسكا ولكن الله سلمه بأيدي المخلصين من أبنائه.
اختيار الأشقاء المصريين للرئيس سيكون هو البداية وليس النهاية، فهو البداية لبناء الكثير من الأشياء التي تهدمت خلال الفترة الماضية وما كان بها من صراعات.
الرئيس القادم حمله ثقيل، فحكم مصر خلال هذه المرحلة بالذات ليس مكافأة وليس مغنما لأحد، ولكنه مسؤولية كبرى ومخاطرة لا يقدم عليها إلا الفرسان الكبار المستعدون دوما للمغامرة ومواجهة الخطر.
الأعداء في الخارج وفي الداخل سوف يعملون من اللحظة الأولى من أجل إسقاط الرئيس القادم، سواء كان هذا الرئيس هو عبد الفتاح السيسي أو حمدين صباحي، وذلك لأسباب لا يتسع المجال لذكرها.
وبالتالي فسوف يقف الرئيس القادم على خط النار منذ اليوم الأول لحكمه، ليس فقط لأن أصحاب المشروع الفاشل سوف يقاتلون من أجل إفشال كل من يأتي بعدهم، وليس فقط لأن أعداء الخارج سوف يضيقون الخناق على مصر من الناحية الاقتصادية سعيا لتدجينها من جديد والسيطرة على قرارها السياسي كثمن لبقاء النظام القادم، ولكن لأن الاقتصاد سيكون عاملا أساسيا في بقاء أي نظام يحكم مصر خلال المرحلة القادمة، فهناك قطاع كبير جدا من المصريين لا يشغله في أمر الحاكم سوى توفير لقمة الخبز والسكن والأمن والأمان أيا كانت الأيدلوجية والخلفية التي جاء من خلالها هذا الحاكم، وهذا أمر غاية في الأهمية؛ لأن الكثير من بين هؤلاء أيضا قد لا يطيقون الانتظار طويلا حتى تتحقق مطالبهم هذه، فهم لا شأن لهم بالأوضاع الاقتصادية التي مرت وتمر بها بلادهم، وليسوا مشغولين بحجم الدمار الاقتصادي الذي أحدثته السنوات الماضية وما بها من إرهاب وتخريب، ولا علاقة لهم بالحديث عن الموارد المتاحة لبلدهم ولا بالكيفية التي يمكن للحكومة أن تحقق بها أحلامهم.
والمشكلة أن هذا القطاع من الناس يتم التركيز عليهم من قبل القوى المترصدة للنظام التي تجاهد من أجل إسقاطه من قبل أن يولد.
المهمة إذن لن تكون سهلة ولابد من مواصلة الدعم العربي لمصر خاصة من دول مجلس التعاون، وبالتحديد المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت والبحرين، تلك الدول التي فعلت الكثير من أجل مواجهة الهجمة الخطيرة التي تعرضت لها مصر ورفضت بشكل قاطع السماح بتعريض أمنها للخطر.
لابد أن نكمل المشوار ونساعد مصر الشقيقة على مواجهة الخطر الذي لا يزال يترصدها حتى الآن؛ لأن عودة مصر إلى مكانتها ستغير معادلات كثيرة في المنطقة.