شيء مقلق للغاية أن يهتف الأردنيون للمرة الأولى بعبارة “الشعب يريد إسقاط النظام”،لأن هذا يدل على أن الجرأة قد وصلت إلى درجة كبيرة وأن الموقف الشعبي قد يزداد اشتعالا في الأيام القادمة،فالأمور بدأت هكذا في أكثر من دولة عربية ثم تفاقمت وسميت ثورات أو سميت الربيع العربي رغم أنها حتى الآن لم تزهر ولم تثمر سوى الفوضى الأمنية والخراب الاقتصادي والانشقاق والتنازع بين القوى المختلفة.
ولو أن هذا السيناريو الكابوسي حدث في الأردن،فستكون طامة كبرى على الأمة بشكل عام وعلى دول الخليج العربي بشكل خاص.،لأن سقوط الأردن لا قدر الله معناه أن عقدة جديدة وهامة قد انفكت وأن السيناريو أصبح غير مستبعد في أي مكان آخر.
في مصر وتونس وليبيا واليمن،بدأت الاحتجاجات مطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية للفقراء المطحونين في هذه البلاد،ثم تطور الأمر تدريجيا في ظل سوء إدارة هذه الدول للأزمة حتى ارتفع سقف المطالب وسمعنا المطلب الأخير وهو الذي عبر عنه ذلك النداء “الشعب يريد إسقاط النظام”.
الأزمة في الأردن اقتصادية واجتماعية ولا تزال كذلك حتى الآن ولن تتطور إلى أبعد من ذلك إلا إذا عجزت حكومة المملكة عن تلبية المطالب الاجتماعية التي خرج من أجلها المتظاهرون.
صحيح أن الحركة الاسلامية في الأردن،وبخاصة الإخوان المسلمين لها تطلعات أخرى غير تحسين الأوضاع الاجتماعية وغير دعم المحروقات،ولكنها تستغل الأوضاع الاجتماعية في حشد الجماهير ضد النظام ،على الأقل في المراحل الأولى للاحتجاجات كما فعلت في تونس ومصر،ولكنها تستفيد في المراحل التالية من رد فعل النظام نفسه في إشعال ثورة الغضب الشاملة ،خاصة بعد أن يسقط قتلى وجرحى فيزداد الغضب ويزداد الضحايا.وتصل الأمور إلى النقطة المأساوية.
الاخوان المسلمون في الأردن حتما تأثروا بصعود الإخوان في مصر وبالتالي فهم بكل تأكيد سيصلون إلى مدى أبعد مما قد يتصور البعض في تصعيدهم للأمور في الأردن،فهل سيستطيع الأردن الشقيق التعامل مع ما ينويه الإخوان في المرحلة القادمة؟
نحن نتمنى أن يخيب ظن كل المحللين الذين قالوا أن الأردن ستلحق عما قريب بالربيع العربي،ليس لأننا ضد المطالب العادلة للشعب الأردني أو غيره من الشعوب،ولكن لأننا نخشى على الأردن من مثل هذا السيناريو الكابوسي الذي سيهدد المنطقة كلها وسيقرب اللحظة التي تستباح فيها هذه الأمة بعد انهيار سوريا وانشغال مصر بمعاركها الداخلية.
إنني أؤيد ما طالب به نواب البحرين من ضرورة وقوف دول مجلس التعاون الخليجي إلى جوار الأردن في كل ما تتعرض له،خاصة وأن المؤامرة حاضرة وهناك من سينفق المليارات من أجل إشعال الحرائق في كل ركن في الأردن.
إن وقوف دول الخليج العربي إلى جوار الأردن ليس مجرد تضامن أو مساعدة لدولة شقيقة ولكنها مسألة أمن قومي لهذه الدول.