“داعش والحمير” ليست رواية أدبية أو حكاية تراثية من الحكايات التي يرفع الناس فيها من شأن الحمير أو يخفضونه، ولكنها فكرة مجنونة وردتني، وأنا كعادتي أحب الأفكار المجنونة.
وجاءتني هذه الفكرة بعدما لاحظت وجود تشابه بين شيئين في عالمنا العربي في الوقت الحالي، الشيء الأول هو انتشار تنظيم داعش في الكثير من الدول العربية، والشيء الثاني هو انتشار أكل لحم الحمير في الكثير من الدول العربية أيضا، حيث تبين وجود مزرعة كاملة تقوم بتسمين الحمير وذبحها في إحدى المحافظات المصرية ووجود مسلخ يقوم بذبح الحمير في تونس وفي قطاع غزة وفي لبنان وسوريا وقبل أيام قليلة اكتشف ذبح الحمير وبيعها في الكويت، ولا أدري بالضبط ما هي الضرورة التي جعلت البعض يجلب حميرا ويذبحها في الكويت وهي الدولة الغنية التي لا تحتاج لشيء كهذا، إلا إذا كانت هناك فلسفة معينة تتعلق بالحمار العربي تجعله مثل “الربيع العربي” وتستدعي نشره في الدول العربية كافة، ومن بينها الخليج!
والله وحده يعلم إذا كانت هناك شعوب عربية أخرى تتناول لحم الحمير، خصوصا أن كل الذين يتناولون هذا النوع من اللحوم من العرب والمسلمين يتناولونه عن غير علم ولا يكتشفون ذلك إلا عندما تقوم الجهات الحكومية المسؤولة في هذه الدولة أو تلك باكتشاف الأمر بالصدفة.
أما مسألة الضرر الذي يقع على البشر من تناول لحم الحمير فهو غير معروف على وجه الدقة، بالإضافة إلى أن مسؤولا كبيرا في الهيئة المسؤولة عن سلامة الغذاء في إحدى الدول العربية قد طمأن الناس بقوله إن تناول لحم الحمير لن يجعلهم ينهقون مثل الحمير، وحتى الجانب الديني يبدو هو أيضا غير محسوم فليس هناك جزم بحرمة تناول هذا اللحم، وبالتالي فالضجة الموجودة حول هذا الموضوع يجب أن تتوقف، خصوصا أن الموضوع ليس جديدا فقد تكرر الأمر مرارا لدرجة انه دخل كغيره ضمن تراث النكتة المصرية الشهيرة تاريخيا، فقد حكي أن أحد أصحاب المطاعم كان يقوم كل يوم بتقديم وجبة دسمة كهدية غير مدفوعة الثمن لشرطي يعمل في مقر الشرطة المجاور للمطعم كنوع من التودد لهذا الشرطي المسكين، وفي يوم من الأيام جاء الشرطي في الصباح ليجد هذا المطعم مغلقا، وحاول استطلاع الخبر، فجاءته الإجابة في عنوان إحدى الصحف الذي يقول إنه تم إغلاق المطعم المذكور لأنه كان يذبح الحمير، فصرخ الشرطي قائلا: يا خبر اسود.. لقد أكلت حمارا كاملا!
وأعود إلى فكرتي المجنونة ومقارنتي غير المنطقية بين مسألة انتشار داعش وانتشار ذبح الحمير وبيعها للناس رغم أنفهم، فقط، لكي أؤكد أن الحمار كان له دور مهم في بناء الحضارة الإنسانية، في نقل البضائع ونقل مواد البناء ونقل البشر وفي أشياء كثيرة، ويكفي الحمار فخرا أنه ألهب خيال كتاب وأدباء فكسبوا الكثير من المال والشهرة لأنهم كتبوا عن الحمار ومن بينهم توفيق الحكيم (حماري وعصاي والآخرون) ومحمود السعدني (حمار من الشرق)، كما يكفي الحمار فخرا أنه رمز للحزب الديمقراطي الأميركي الذي ينتمي إليه الرئيس أوباما، والرئيس بل كلنتون وغيرهما، وعلى المستوى العربي هناك حزب الحمير العراقي، ولا ننسى أن الحمار قد ذكر في القرآن الكريم، حيث قال تعالى “والخيل والبغال والحمير لتركبوها”، ولكن داعش لم تفعل للبشرية شيئا سوى قيامها بهدم هذه الحضارة وذبح الناس، وهذا يدعونا إلى تكريم الحمير وعدم ذبحها، حتى وإن انتهى دورها كوسائل نقل.