دار الإصلاح

دار الإصلاح

مشكلتنا في البحرين هي حب المحاكاة وإسقاط تجارب الآخرين على حياتنا، بمعنى أننا نتابع ما يجري حولنا في العالم ونختزن صورا كثيرة عن تجارب مريرة لغيرنا من الشعوب، خاصة ما يتعلق بالاضطهاد والتمييز والمحاكمات غير العادلة ومعاملة السجناء، ثم نقوم بنوع من الربط التعسفي بين هذه الصورة وبين ما يوجد لدينا من صور بسيطة وبعيدة كل البعد عن ما اختزن في أذهاننا من صور عن غيرنا من الشعوب.
هذا لا يعني أننا في البحرين نعيش في اليوتوبيا وأننا شعب بلا مشكلات وبلا مظالم وأن المسؤولين في بلادنا لا مثيل لهم في العدل، ولكن ما أقصده أننا نقوم بتضخيم صور معينة فتبدو مضحكة في أحيان كثيرة، فقد تجد لدينا من يشبه التعامل الأمني البحريني مع مظاهرة غير مرخص لها بمشاهد القتل التي لا تنقطع في سوريا، ولدينا من يشبه انقطاع التيار الكهربائي في البحرين لمدة خمس دقائق بانقطاع التيار الكهربائي في الهند لمدة ثمانية وأربعين ساعة! وهذا لا يعني أيضا أن التضخيم والتهويل خاصية يعرف بها الشعب البحريني ويتميز بها عن غيره من الشعوب، ولكنني أقصد أن لدينا من الجماعات والأفراد من ينمون لدى غيرهم الإحساس بالاضطهاد والظلم.
الذي يسمع الشائعات التي سرت حول دار الإصلاح في جو- قبل أن تقوم جريدة أخبار الخليج الغراء بتوضيح الحقيقة – يعتقد أن الفرق ضئيل جدا بين معتقل جونتنامو وبين هذه الدار، ويعتقد أن نزلاء هذه الدار يتعرضون للقتل البطيء، بسبب الطعام الذي يقدم لهم وبسب عدم الاهتمام بأجهزة التكييف وبوسائل الإعاشة الأخرى.
وكنت شخصيا أستعد قبل أن أقرأ الموضوع الذي نشرته أخبار الخليج كتابة عمود أدافع فيه عن حقوق هؤلاء النزلاء في الرعاية الصحية والاجتماعية وحقوقهم في تناول الطعام الذي يتناوله بقية البشر، خاصة ونحن في شهر الاحسان والرحمة، شهر رمضان الكريم الذي ترق فيه القلوب وترتقي فيه النفوس.
ولكنني عرفت أن القصة كلها تكمن في المبنى رقم 4 الذي يسكنه كثير من الشباب الصغار الذين غرر بهم واستخدموا في أعمال التخريب والحرق، ولابد لأئمة التحريض أن يقدموا لهم شيئا يجعلهم يشعرون أنهم تحت حمايتهم وأنهم لم يتركوهم وحدهم وهم محبوسين في هذه الدار.
ولا أدري إلى متى سيظل هؤلاء يشوهون صورتنا ويصورون الدولة البحرينية وكأنها دولة عنصرية تقتل أبناءها وتنكل بهم، وكأن 11 شهرا في العام لا تكفي أئمة التشهير وبث الكراهية لكي يمارسوا هوايتهم فيها،فقاموا بممارستها في هذا الشهر الفضيل.
إنني أدعو المسؤولين الأمنيين في البحرين والمسؤولين عن هذه الدار إلى فتح هذه المؤسسة أمام وسائل الإعلام وأمام مؤسسات حقوق الإنسان الشريفة لكي يقدموا شهاداتهم أيضا كما فعلت أخبار الخليج، حتى يعرف الجميع أصحاب النوايا الخبيثة.