خريف الشيخ القرضاوي

خريف الشيخ القرضاوي

ما كان أحد يتصور أبدا أن تأخذ السياسة رجل دين ذاع صيته إلى هذه النهاية المأساوية بعد عمر مديد على طريق الدعوة.
السياسة إذا مزجت بالدعوة الدينية فالخاسر هو الدعوة الدينية وأهل هذه الدعوة مهما كانت درجاتهم العلمية وشهرتهم، لأن السياسة تحتاج إلى المغالطة وتحتاج إلى الالتفاف حول الحقائق وإلى أشياء كثيرة يأباها الدين،والذي يمارس السياسة من رجال الدين يجد نفسه أحيانا أمام اختيار صعب بين الانحياز للحزب أو الجماعة التي يؤيدها وبين الانحياز للعلم بعيدا عن أية تأثيرات أيدولوجية.
الشيخ يوسف القرضاوي لم يمت ولكنه انتهى كداعية ديني لأنه انحاز إلى جماعة انحيازا مطلقا وفرط في أمور كثيرة أهمها الوطن الذي تربى فيه وحفظ فيه القرآن وحصل على أعلى الشهادات من الأزهر الشريف الذي قامت جماعته بتحطيمه الأسبوع الماضي.
صحيح أن هذا قد حدث قبل أن يأتي إلى بلاد النفط ويعيش في رغد ما بعده رغد في قصور أهل الحكم، ولكن هناك حكمة نسمعها من إخواننا المصريين تقول إن من شرب من ماء النيل لابد أن يعود إليه، فهل شرب الشيخ القرضاوي من ماء النيل أم كان يشرب مياها معدنية مستوردة من الخارج؟.
عذرا، فنحن نقول هذا من هول الصدمة التي تلقيناها عندما رأينا وسمعنا الشيخ في خطبة الجمعة يعبر عن فرحته لأن غانا هزمت مصر في مباراة كرة قدم، “إنا لله وإنا إليه راجعون”.. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها.
القرضاوي واحد من جماعة الإخوان المسلمين لذلك فهو يكره مصر ككل الإخوان المسلمين، ولأن مصر رفضت حكمهم فلا مانع أبدا من الوقوف إلى جانب خصومها، حتى إن كان ذلك في مباراة لكرة القدم، فهم يريدون التنفيس عن الغل الذي يملأ صدورهم بعد أن فقدوا الحكم الذي أنفقوا المليارات التي أتتهم من الشرق ومن الغرب من أجله.
صحيح هي مباراة في كرة القدم لن تقدم أو تؤخر، ولكن عندما يقف شيخ يعرفه العالم كله على منبر رسول الله ويطعن بلده الذي علمه، فهذا موقف مخز وليس له أي مبرر سوى الكراهية والغل الذي لا يليق برجال الدين ووقارهم وحكمتهم.
هل هذا الفريق الذي لعب أمام غانا يا فضيلة الشيخ كان يرفع علم مصر أم يرفع علم الفريق عبدالفتاح السيسي؟.
عفوا لقد نسيت أن الاخوان المسلمين لا يحترمون الإعلام ولا الأوطان ولا الحدود، ونسيت أن مصلحة الجماعة لديهم فوق أي وطن وأن الرجل الذي قال “طز في مصر” كان وقتها مرشدا عاما للإخوان المسلمين.
وفي النهاية نقول للشيخ القرضاوي: هنيئا لأعداء مصر بك وبقناة الجزيرة التي لم تعد لها غاية سوى أن تنتهي مصر إلى نفس الحال الذي وصلت إليها سوريا وليبيا. “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.