تعودنا أن نسمع ونهتم بكل ما يصدر عن الولايات المتحدة من تصريحات وتعليقات واتهامات، فالولايات المتحدة تقول والعالم كله يسمع، لأنها الدولة القوية التي يعلو صوتها على صوت كل المنظمات والهيئات الدولية وليس فقط على صوت الدول.
الولايات المتحدة تصدر تقييمات لأداء الدول وحرياتها الدينية وحقوق الإنسان فيها، والخارجية الأميركية تقوم كل عام بإصدار تقارير الوصاية على الدول العربية على وجه الخصوص وتستخدم ما تشاء من المفردات في وصف هذه الدول بشكل سافر في كثير من الأحيان، كما حدث الأيام الماضية على لسان وزير خارجيتها الذي تدخل في شؤون بعض الدول العربية بلغة فيها من الاستهتار والسخرية ما يدعو للصدمة!
ولكن لماذا لا يقوم أحد أبدا بالحديث عن مصائب حقوق الانسان في الولايات المتحدة، وما تقوم به الشرطة الأميركية من مواجهة الزنوج على وجه
الخصوص، رغم تكرار الحوادث التي تكفي لتلويث سجل حقوق الانسان في الدولة الأميركية لسنوات طويلة.
من الذي رأى مشهد الطفل الزنجي على الشاشات خلال الأيام الماضية عندما قامت شرطية أميركية بتكبيله بشكل مذل والدموع الغزيرة التي سالت على خديه لترسم صورة بائسة لا تساويها سوى صور أطفال سوريا الذين لا يجدون الطعام ولا الدواء ويتحولون إلى هياكل عظمية بسبب حصار حزب الله اللبناني لهم.
أميركا لا تعرف إلا أمنها وأمن إسرائيل، وفي سبيل الاثنين تفعل كل شيء دون حدود وتسقط كل القيم وتصبح لديها مسألة حقوق الانسان بلا ثمن، لأن شيئا ما يتعارض مع أمنها وأمن حليفتها قد حدث، وأثبتت الحقائق التاريخية هذا
الكلام، فأميركا لم تعتبر المذابح الإسرائيلية ضد الفلسطينيين شيئا يتعارض مع حقوق الانسان، ولم تكتف بذلك بل طالما استخدمت حق الفيتو لمنع المجتمع الدولي من تبني أي قرار ضد هذه المذابح.
أما أمننا القومي نحن العرب فليس مأخوذا في الاعتبار، تحت أية ظروف، لدى
الولايات المتحدة، فعلى دولنا أن تسمح للأفراد والجمعيات أن يحصلوا على
ملايين الدولارات من الخارج لتنفيذ أنشطة مشبوهة، وإلا فنحن ضد حقوق
الإنسان، والإنسان لديهم يجب ألا يطاله أي عقاب، حتى إن خان بلده، ولا سبيل أمام العرب إلا أن يتركوا الأموال تدخل بلادهم ويضعوا رؤوسهم في الرمالحتى لا تغضب الخارجية الأميركية.