مازلنا نقدم مقتطفات مما ورد في دراسة الأستاذ أحمد فهمي التي نشرت تحت عنوان “حزب الله.. وسقط القناع”، حيث يقول إن أهم صفة في الأحزاب التي كونتها ورعتها إيران الخميني، هي تعدد الأوجه والمراحل المتناقضة، التي يتم التبادل بينها، بدون مقدمات أحيانا، وبطريقة تصدم القريبين منها والبعيدين، فلا دوام لدى هذه الأحزاب لحلف أو تحالف، أو لتقريب مذهبي أو دين، أو لعدو أو صديق، فإيران فقط هي الراعي الثابت والدائم، وأهل السنة فقط هم العدو الثابت والدائم.
ويبين الكاتب في دراسته أن تاريخ حزب الله لا يبدأ من لبنان أو من عام تأسيسه، ولكن حزب الله له بدايات ثلاث تمددت عبر ثلاث دول، تجمعت لتشكل حزبا شيعيا متفردا في بنائه ونظامه، ويضيف أن حزب الله ليس حزبا، وليس منظمة، وليس مقاومة، ولكنه إيران، إيران بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وأن إيران الصغرى هي اسمه الحقيقي بعيدا عن التقية والنسبة الإلهية.
ويسعى الكاتب في دراسته هذه إلى إثبات هذه الحقيقة، من خلال تفكيك العلاقة بين إيران وحزب الله، عن طريق تحليل الثقافة الصفوية التي ورثتها ثورة الخميني عن الدولة الصفوية الأولى، هذه الثقافة التي أكسبت حزب الله القدرة على أن يسير بالقصور الذاتي مدة طويلة في نفس الاتجاه، حتى لو توقفت إيران عن توجيهه.
وينتهي الكاتب في دراسته، ذات المصادر الوفيرة، إلى أن تبعية حزب الله لإيران ليست تبعية قرار أو دين فقط، بل هي تبعية ثقافية مشتركة تجعل الطرفين يصدران عن معين واحد في اتجاه واحد دون اتفاق.
ويقول أن إناء حزب الله – الذي ينضح بما هو فيه – تم ملؤه في إيران، ولن يخرج الحزب عن خط إيران ولو أراد، لأنه عندها سيصبح حزبا آخر أو سيكسر إناءه.
ويستطيع الكاتب من خلال تحليله لمكونات الثقافة الصفوية المشتركة بين إيران وحزب الله أن يكشف مسار الحزب داخل لبنان، حيث يمارس الحزب سلطته من خلال زعامة تسيطر على القرار داخل الحزب، والحزب يسعى للسيطرة على القرار داخل الطائفة، ومن ثم يسعى للسيطرة على القرار داخل الدولة، لنصبح إذن أمام زعيم يتحرك داخل الحزب، وحزب يتحرك داخل الطائفة، وطائفة تتحرك داخل الدولة، ودولة تتحرك داخل الهلال الإيراني.
إن من يقرأ هذه الدراسة سوف يتمكن بكل سهولة من تحليل التحرك الميداني والسياسي والإعلامي لجمعية الوفاق البحرينية، أو لنقل”حزب الله البحريني”، ويدرك ان كلمات “المقاومة” “والاحتلال” “والعمليات الفدائية”قد استخدمت كثيرا في غير مكانها، ويستطيع أن يفهم بشكل أعمق معنى مقولة روح الله الخميني:” إننا لم نقم بالثورة لكي نغير أسعار البطيخ”.